كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

ثم قلب تلك النطفة البيضاء المشرقة علقة حمراء تضرب إلى سواد، ثم
جعلها مضغة لحم مخالفة للعلقة في لونها وحقيقتها وشكلها، ثم جعلها
عظاما مجردة لا كسوة عليها، مباينة للمضغة في شكلها وهيئتها وقدرها
وملمسها ولونها.
وانظر كيف قسم تلك الاجزاء (1) المتساوية المتشابهة إلى الاعصاب
والعظام والعروق والاوتار واليابس واللين، وبين ذلك، ثم كيف ربط بعضها
ببعض أقوى رباط و شده و بعده من الانحلال (2).
وكيف كساها لحما ركبه عليها، وجعله وعاء لها وغشاء وحافظا،
وجعلها حاملة له مقيمة له؛ فاللحم قائم بها وهي محفوظة به.
وكيف صورها فأحسن صورها، وشق لها السمع والبصر والفم والانف
وسائر المنافذ، ومد اليدين والرجلين وبسطهما، وقسم رووسهما بالأصابع،
ثم قسم الاصابع بالانامل، وركب الاعضاء الباطنة من القلب وا لمعلمة
والكبد والطحال والرئة و 1 لرحم والمثانة والامعاء، كل واحد منها له قدر
يخصه ومنفعة تخصه.
ثم انظر الحكمة البالغة في تركيب العظام قواما للبدن وعمادا له، وكيف
قدرها ربها وخالقها بمقادير مختلفة و شكال مختلفة؛ فمنها الصغير
والكبير، والطويل والقصير، والمنحني وا لمستدير، والدقيق والعريض،
والمصمت والمجوفط، وكيف ركب بعضها في بعض؛ فمنها ما تركيبه
(1) (ح، ن): "كيف سلك تلك الاجزاء".
(2) (ت): "حذ). (د، ق): "حذ ".

الصفحة 541