كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
ومن يك ذا فم صر مريض يجد مرِا به الماء الزلالا (1)
ونصب سبحانه قصبة الأنف في وسط الوجه، فأحسن شكله وهيئته
ووضعه، وفتح فيه المنخرين، وحجز بينهما بحاجز، وأودع فيهما حاشة
الشم التي تدرك بها أنواع الروائج الطئبة والخبيثة و 1 لنافعة والضازة،
وليستنشق به الهواء فيوصله إلى القلب فيترؤح به ويتغذى به.
ثم لم يجعل في داخله من الاعوجاجات والغضون ما جعل في الاذن؛
لئلا يمسك الرائحة فيضعفها ويقطع مجراها، وجعله سبحانه مصتا تنحدر
إليه فصلات الدماغ فتجتمع فيه ثم تخرج منه.
واقتضت حكمته أن جعل أعلاه أدق من أسفله؛ لأن أسفله إذا كان
واسعا جتمعت فيه تلك الفضلات فخرجت بسهولة، ولأنه يأخذ من الهواء
ملأه ثم يتصاعد قي مجراه قليلا قليلا، حتى يصل إلى القلب وصولا لا
يضره ولا يزعجه.
ثم فصل بين المنخرين بحاجز بينهما حكمة منه ورحمة؛ فإنه لما كان
قصبة ومجرى ساترا لما ينحدر فيه (2) من فصلات الرأس ومجرى النفس
الصاعد منه= جعل في وسطه حاجزا؛ لئلا ينسد (3) بما يجري فيه فيمنع
نشقه للنفس، بل إما أن يعتمد (4) الفضلات نازلة من أحد المنفذين - في
(1) لبيت للمتنبي، في ديو نه (130).
(2) (د، ق): " ساترا لما ينحدر منه ". (ت): "سائر الماء يعحدر منه ".
(3) (ح، ن، ت، ق): "يفسد". تحريف.
(4) (ح، ن): "تعتمد".
545
الصفحة 545
1889