كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

الغالب - فيبقى الاخر للتنفس، وإما ن يجري فيهما فينقسم، فلا ينسد الانف
جملة، بل يبقى فيه مدخل (1) للنفس!.
وأيضا؛ فإنه لما كان عضوا واحدا وحاسة واحدة، ولم يكن عضوين
وحاستين كالاذنين و لعينين التي قتضت الحكمة تعددهما، فإنه ربما
أصيبت إحداهما و عرضت لها فة تمنعها من كمالها فتكون الاخرى
سالمة، فلا تتعطل منفعة هذا ا لجنس جملة، وكان وجود أنفين في الوجه
شينا ظاهرا، فنصب فيه أنفا و حدا، وجعل فيه منفذين حجز بينهما بحاجز
يجري مجرى تعدد العينين والاذنين في المنفعة، وهو واحد؛ فتبارك الله ر ب
العالمين وأحسن الخالقين.
وشق سبحانه للعبد الفم في أحسن موضع و ليقه به، و ودع فيه من
المنافع والات الذوق و [لكلام والات الطحن والقطع ما تبهر العقول
عجائبه؛ فأودعه اللسان الذي هو أحد اياته الدالة عليه، وجعله ترجمانا
لملك الاعفماء مبينا مؤديا عنه كما جعل الاذن رسولا مؤديا مبلغا إليه، قهي
رسوله وبريده الذي يؤدي إليه الاخبار، و [للسان بريده ورسوله الذي يؤدي
عنه ما يريد.
واقتضت حكمته سبحانه أن جعل هذا الرسول مصونا محفوظا
مستورا، غير بارز مكشوف كالاذن والعين و 1 لانف؛ لان تلك الاعضاء لما
كانت تؤدي من الخارج إليه جعلت بارزة ظاهرة، ولما كان اللسان مؤديا منه
إ لى الخارج جعل مستورا (2) مصونا؛ لعدم الفائدة في إبرازه؛ لانه لا يأخذ
(1) (ت):"منفذ".
(2) (ح، ن): " سترا". (ت): " منه جعله مستورا". وسقطت "جعل " من (ق).
6 4 5

الصفحة 546