كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
من الخارج إلى القلب.
وأيضا؛ فإنه لما كان أشرف الاعضاء بعد القلب، ومنزلته منه منزلة
ترجمانه ووزيره، ضرب عليه سرادق يستره ويصونه، وجعل في ذلك
السرادق كالقلب في الصدر.
وأيضا؛ فانه من ألطف الاعضاء وألينها و شدها رطوبة، وهو لا يتصرف
إلا بواسطة الرطوبة المحيطة به، فلو كان بارزا صار عرضة للحرارة واليبوسة
والنشاف المانع له من التصرف.
ولغير ذلك من ا لحكم والفوائد.
ثم زين سبحانه الفم بما فيه من الاسنان التي هي جمال له وزينة، وبها
قوام العبد وغذاوه، وجعل بعضها أرحاء للطحن (1)، وبعضها الة للقطع،
فأحكم أصولها، وحدد رووسها، وبيض لونها، ورتب صفوفها، متساوية
الرووس، متناسقة الترتيب، كأنها الدر المنظوم بياضا وصفاء وحسنا.
وأحاط سبحانه على ذلك كله (2) حائطين، و ودعهما من المنافع
و لحكم ما أودعهما، وهما الشفتان؛ فحسن لونهما وشكلهما ووضعهما
وهيأ تهما، وجعلهما غطاء للفم وطبقا له، وجعلهما إ تماما لمخارج حروف
الكلام ونهاية له، كما جعل أقمى الحلق بد ية له، واللسان وما جاوره وسطا،
ولهذا كان أكثر العمل فيها (3) له؛ إذ هو الواسطة.
(1) الارحاء: جمع رحى.
(2) "كله " ليست في (ت، ح).
(3) (ن): " فيهما".
547
الصفحة 547
1889