كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

واقتضت حكمته أن جعل الشفتين لحما صرفا لا عظم فيه ولا عصب؛
ليتمكن بهما من مض الشراب، ويسهل عليه فتحهما وطبقهما.
وخص الفك الاسفل بالتحريك؛ لان تحريك الأخف احسن، ولانه (1)
يشتمل على الأعضاء الشريفة فلم يخاطر بها في الحركة.
وخلق سبحانه ا لحناجر مختلفة الأشكال في الضيق والسعة، والخشونة
والملاسة، والصلابة واللين، والطول والقصر؛ فاختلفت بذلك الاصوات
أعظم اختلاف، ولا يكاد يشتبه صوتان إلا نادرا.
ولهذا كان الصحيح قبول شهادة الاعمى (2)؛ لتمييزه بين الأشخاص
بأصوا تهم كما يميز البصير بينهم بصورهم، والاشتباه العارض بين الاصوات
كالاشتباه العارض بين الصور.
وزين سبحانه الرأس بالشعر، وجعله لباسا له؛ لاحتياجه إليه، وزين
الوجه بما أنبت فيه من الشعور المختلفة الاشكال والمقادير، فزينه
بالحاجبين، وجعلهما وقاية لما ينحدر (3) من بشرة الرأس إلى العينين،
وقوسهما، و حسن خطهما، وزين أجفان العينين بالاهداب، وزين الوجه
أيضا باللحية، وجعلها كمالا ووقارا ومهابة للرجل، وزين الشفتين بما نبت
(1) أي: الفك الاعلى.
(2) فيما طريقه 1 لسمع، إذ 1 عرف الصوت. انظر: "اعلام الموقعين " (1/ 1 2 1)، و"الطرق
الحكمية " (1 55)، و"ايمان القرآن " (4 1 6).
وانظر للخلاف في قبول شهادته: "احكام القران) للجصاص (2/ 226)، واالمحلى"
(9/ 433)، و"المغني " (4 1/ 178).
(3) (ن): "يتحدر".
548

الصفحة 548