كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

ثم أوردوا على أنفسهم سؤالا، فقالوا: إن قيل: كيف يجوز أن يكون
عضو و 1 حد على ضروب من الامتزاج يمد عدة حواس مختلفة، واجسام
هذه الحواس مختلفة، وقوة كل حاسة مخالفة لقوة الحاسة الاخرى؟
وأجابوا عن ذلك: بان جميح العروق التي في البدن كلها متصلة
بالقلب، إما بانفسها واما بواسطة، فما من عرق ولا عضو إلا وله تصال
بالقلب تصالاقريبا أو بعيدا.
قالوا: وينبعث منه في تلك العروق والمجاري إلى كل عضو ما يناسبه
ويشاكله، فينبعث منه إلى العينين ما يكون منه حس! (1) البصر، وا لى الأذنين
ما يدرك به المسموعات، والى اللحم ما يكون منه حس اللمس، والى
الانف ما يكون منه حس الشم، وإ لى اللسان ما يكون منه حس الذوق، والى
كل ذي قوة ما يمد قوته ويحفظها، فهو الممد لهذه الاعضاء وا لحواس
والقوى؛ ولهذا كان الرأي الصحيح أنه أول الاعضاء تكونا (2).
قالوا: ولا ريب أن مبدأ القوة لعاقلة منه، وان كان قد خالف في ذلك
اخرون، وقالوا: بل العقل في الر س؛ فالصواب أن مبدأه ومنشاه من القلب،
وقروعه وثمرته في الرأس، والقران قد دل على هذا بقوله: < أفدردوا فى
الارض فتكوق لهئم قلوب يعقلون بها أو 5 اذان يمئمعون بها > [الحج: 46]، وقال:
< إن فى ذللث لذتحرئ لمنكان له- قلتب) [ق: 37]، ولم يرد بالقلب هنا مضغة
اللحم المشتركة بين ا لحيوانات، بل المراد ما فيه من العقل واللب.
(1) (ت): " حسن ". وهكذا في المواضع التالية.
(2) (ح، ن): "تكوينا".
556

الصفحة 556