كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

شما وإلى كل حاسة بحسبها، فهذا ألطف ما يتولد عن الغذاء، ثم ينبعث منه
إ لى الدماغ ما يناسبه في اللطافة والاعتدال، ثم ينبعب من الباقي إ لى
الاعضاء في تلك المجاري بحسبها، وينبعث منه إلى العظام والشعر
والاظفار ما يغذ يها ويحفظها.
فيكون الغذاء داخلا إلى المعدة من طرق ومجار، وخارجا منها إ لى
الاعضاء من طرق ومجار؛ هذا وار؟ إليها وهذا صادر عنها؛ حكمة بالغة
ونعمة سابغة.
ولما كان الغذاء إذا ستحال في المعدة ستحال دما ومرة سوداء ومرة
صفراء وبلغما (1)، قتضت حكمته سبحانه وتعا لى أن جعل لكل واحد من
هذه الاخلاط مصرفا ينصب إليه و يجتمع فيه، ولا ينبعث إلى الاعضاء
الشريفة إلا أكمله؛ فوضع المرارة مصبا للمرة الصفراء، ووضع الطحال مقرا
للمرة السوداء، والكبد تمتص أشرف ما في ذلك، وهو الدم، ثم تبعته إ لى
جميع البدن من عرق واحد ينقسم على مجار كثيرة، يوصل إلى كل واحد
من الشعور والاعصاب والعظام والعروق ما يكون يه قوامه.
ثم إذا نظرت إلى ما فيه (2) من القوى الباطنة والظاهرة المختلفة في
(1) وهي اخلاط البدن الاربعة، التي كان يعتقد القدماء ان البدن ينشا مزاجه - وهو
الاستعداد ا لجسمي العقلي الخاض! - عنها، فمن اعتدلت فيه كملت صحته، وبقدر
الزيادة والعقصان فيها عن حد الاعتدال يدخل السقم. انظر: " المعجم الوسيط"
(مزج)، وما يا تي (ص: 4 1 7، 1 4 7، 0 78، 85 2 1).
(2) أي: الانسان.
559

الصفحة 559