كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
أنفسها ومنافعها، رأيت العجب العجاب (1)؛ كقوة سمعه وبصره، وشمه
وذوقه ولمسه، وحبه وبغضه، ورضاه وغضبه، وغير ذلك من القوى المتعلقة
بالادراك والارادة، وكذلك القوى المتصرفة في غذائه؛ كالقوة المنضجة له،
وكالقوة الماسكة له، والدافعة له إلى الاعضاء، والقوة الهاضمة له بعد أخذ
الاعضاء حاجتها منه، إلى غير ذلك من عجائب خلقته الظاهرة والباطنة.
فصل (2)
فارجع الان إلى النطفة، وتأمل حا لها أو، وما صارت إليه ثانيا، و نه لو
اجتمع الانس وا لجن على ان يخلقوا لها سمعا أو بصزا، او عقلا او قدرة، ا و
علفا أو روخا، بل عظماً واحذا من أصغر عظامها، بل عرفا من أدق عروقها،
بل شعرة واحدة - لعجزوا عن ذلك، بل ذلك كله اثار صنع الله الذي أتقن كل
شيء في قطرة من ماء مهين.
فمن هذا صنعه في قطرة ماء، فكيف صنعه في ملكوت السموات،
وعلوها، وسعتها، واستدارتها، وعظم خلقها، وحسن بنائها، وعجائب
شمسها وقمرها وكواكبها، ومقاديرها، وأشكا لها، وتفاوت مشارقها
ومغار بها؟!
فلا ذرة فيها تنفك عن حكمة، بل هي أحكم خلقا، و تقن صنعا،
و جمع للعجائب من بدن الانسان، بل لا نسبة لجميع ما في الارض إلى
عجائب السموات؛ قال الله تعالى: <ءأنغ شذ ضلقا م المحآءج بننها! رغ سنكها
(1) (ت): "رايت العجائب ".
(2) "إحياء علوم الدين " (4/ 0 4 4).
560
الصفحة 560
1889