كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

ومفسدا لما يمر عليه.
وهي مختلفة في مهابها، فمنها صبا، ودبور، وجنوب، وشمال (1)، وفي
منفعتها وتأثيرها= أعظم اختلاف؛ فريح لينة رطبة تغذي النبات وأبدان
ا لحيوان، وأخرى تجففه، وأخرى تهلكه وتعطبه، وأخرى تشده (2) وتصلبه،
وأخرى توهنه وتضعفه.
ولهذا يخبر سبحانه عن رياح الرحمة بصيغة ا لجمع؛ لاختلاف منافعها
وما يحدث منها، فريح تثير السحاب، وريح تلقحه، وريح تحمله على
متونها، وريح تغذي النبات.
ولما كانت الريح مختلفة في مهابها وطبائعها جعل لكل ريح ريحا
مقابلتها، تكسر سورتها (3) وحدتها، وتبقي لينها ورحمتها؛ فرياح الرحمة
متعددة.
وأما ريح العذاب، فانه ريح واحدة ترسل من وجه واحد لإهلاك ما
ترسل باهلاكه، فلا تقوم لها ريح أخرى تقابلها، وتكسر سورتها، وتدفع
حدتها، بل تكون كا لجيش العظيم الذي لا يقاومه شيء، يدمر كل ما أتى
عليه.
وتأمل حكمة القرآن وجلالته وفصاحته كيف اطرد هذا فيه في البر، وأما
(1) انظر: "اسماء لريح " لابن خالويه، و"التلخيص " لابي هلال العسكري (1/ 26 4)،
و"الانواء" لابن قتيبة (58 1)، و"الازمعة والأمكنة " (2/ 74).
(2) (ت): " تسدده ".
(3) أي: تخفف حدّتها.
573

الصفحة 573