كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

في البحر فجاءت ريح الرحمة فيه بلفظ الواحد، كقوله تعالى: <هوالدب
يسيز! فى لبر والبخر حتئ إذاكعتوف الفلك وجرئن بهم برلغ طتبة وفرحوا بها
جا تها ردغ عاصف وجا هم ائموج منص مكان) [يون!: 22]؛ فان السفن إنما
تسير بالريح الواحدة التي تأتي من وجيما واحد، فاذا ختلفت الرياج على
السفن وتقابلت لم يتم سيرها؛ فالمقصود منها في البحر خلاف المقصود
منها في البر، إذ المقصود في البحر أن تكون واحدة طيبة لا يعارضها شيء؛
فأفردت هنا وجمعت في البر (1).
ثم إنه سبحانه أعطى هذا المخلوق اللطيف الذي يحركه أضعف
المخلوقات ويخرقه، من الشدة والقوة والبأس ما يقلق (2) به الاجسام
الصلبة القويّة الممتنعة، ويزعجها عن أماكنها، ويفتتها، ويحملها على متنه.
فانظر إليه مع لطافته وخفته إذا دخل في الزق (3) - مثلا - وامتلأ به، ثم
وضع عليه ا لجسم الثقيل - كالرجل (4) وغيره - وتحامل عليه ليغمسه في
الماء لم يطق، وتضع الحديد الصلب الثقيل على وجه الماء فيرلسب فيه؛
فامتنع هذا اللطيف من قهر الماء له ولم يمتنع منه القوي الشديد!
وبهذه الحكمة أمسك الله سبحانه السفن على وجه الماء، مع ثةلها
ؤيقل ما تحويه، وكذلك كل مجوف حل فيه الهواء فانه لا يرلسب فيه؛ لأن
(1) انظر: "بدائع الفوائدلما (6 0 2)، و"البرهان " للزركشي (4/ 9).
(2) (ح، ت، ن): " تقلق ". (ق): " تعلق ".
(3) وهو لوعاء من ا لجلد، يتخذ للشراب ونحوه.
(4) في " الإحياء": " الرجل القوي ".
574

الصفحة 574