كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
تصيب الأرض قطرهي قطرة، قد عينت كل قطرة منها لجزءٍ من الارض لا
تتعداه إلى غيره، فلو آجتمع الخلق كلهم على أن يخلقوا منها قطرة واحدة أو
يحصوا عدد القطر في لحظة واحدة لعجزوا عنه.
فتأمل كيف يسوقه سبحانه رزقا للعباد والدواب والطير والذر و لنمل،
يسوقه رزفا للحيوان الفلاني في الارض الفلانية بجانب ا لجبل الفلاني،
فيصل إليه على شدة من ا لحاجة والعطش في وقت كذا وكذا.
ثم كيف أودعه في الارض (1)، ثم أخرج به أنواع الاغذية والادوية
والاقوات، فهذا النبات يغذي، وهذا يصلح الغذاء، وهذا ينفذه، وهذا
يقوي (2)، وهذا يضعف، وهذا سم قاتل، وهذا شفاء من السم، وهذا
يمرض، وهذا دو ء من المرض، وهذا يبرد، وهذا يسخن، وهذا إذا حصل
في المعدة قمع الصفراء من أعماق العروق، وهذا إذا حصل فيها ولد
الصفراء واستحال إليها، وهذا يدفع البلغم والسوداء، وهذا يستحيل إليهما،
وهذا يهيج الدم، وهذا يسكنه، وهذا ينوم، وهذا يمنع النوم، وهذا يفرح،
وهذا يجلب الغم، إلى غير ذلك من عجائب النبات التي لا تكاد تخلو ورقة
منه ولا عرق ولا ثمرة من منافع تعجز عقول البشر عن الاحاطة بها
وتفصيلها.
وانظر إلى مجاري الماء في تلك العروق الدقيقة (3) الضئيلة الضعيفة
التي لا يكاد البصر يدركها إلا بعد تحديقه، كيف يقوى على قسره وعلى
(1) "الاحياء" (4/ 0 4 4، 4 4 4).
(2) "وهذا يقوي " ليست في (ح، ن).
(3) (ت): "الرقيقة ".
577
الصفحة 577
1889