كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
جتذابه من مقره ومركزه إلى فوق، ثم ينصرف في تلك المجاري بحسب
قبولها وسعتها وضيقها، ثم تتفرق وتتشعب وتدق إلى غاية لا ينالها البصر.
ثم نظر إلى تكون حمل الشجر ونقلته (1) من حال إلى حال، كتنقل
أحوال ا لجنين المغيب عن الابصار، ترى العجب العجاب؛ فتبارك الله ر ب
العالمين وأحسن الخالقين.
بينا تراها حطبا قائضا عاريا لا كسوة عليها، إذ كساها ربها وخالقها من
الزهر أحسن كسوة، ثم سلبها تلك الكسوة وكساها من الورق كسوة هي
أثبت من الاو لى، ثم أطلع فيها حملها ضعيفا ضئيلا، بعد أن أخرج ورقها
صيانة وثوبا لتلك الثمرة الضعيفة، تستجن به (2) من ا لحر والبرد وإلافات،
ثم ساق إلى تلك الثمار رزقها، وغذاها في تلك العروق وا لمجاري، فتغذت
به كما يتغذى الطفل بلبان أمه، ثم رباها ونماها شيئا فشيئا حتى ستوت
وكملت وتناهى إدراكها، فأخرج ذلك الجنى اللذيذ اللين من تلك الحطبة
الصماء.
هذا، وكم لله من آية في كل ما يقع الحس عليه ويبصره العباد وما لا
يبصرونه (3)، تفنى الاعمار دون الاحاطة بها وبجميع تفاصيلها.
فصل
ومن اياته سبحانه وتعا لى: الليل والنهار، وهما من أعجب آياته وبدائع
(1) (ق، ت، د):"وتقلبه ".
(2) (ت): "لتستجن يه". (ح، ن): "لتسجى به".
(3) (ت):"وما لاتبصر وبه".
578
الصفحة 578
1889