كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
الاعتبار به والاستدلال على النشأة الثانية واحياء ا لخلق بعد موتهم، ولا
ضعف في قدرة القادر التام القدرة، ولا قصور في حكمته ولا في علمه
يوجب تخلف ذلك، ولكن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
وهذا أيضا من اياته الباهرة: أن يعمى عن هذه الايات الواضحات
البينات من شاء من خلقه، فلا يهتدي بها ولا يبصرها، كمن هو واقف في
الماء إلى حلقه وهو يستغيث العطثر، وينكر وجود الماء!
وبهذا وأمثاله يعرف الله عز وجل ويشكر ويحمد، ويتضرع إليه ويسأل.
فصل (1)
ومن آياته وعجائب مصنوعاته: البحار المكتنفة لاقطار الارض، التي
هي خلجان من البحر الاعظم المحيط (2) بجميع الارض، حتى إ ن
المكشوف من الارض وا لجبال والمدن بالنسبة إلى الماء كجزيرة صغيرة
في بحرٍ عظيم، وبقية الارض مغمورة بالماء.
ولولا إمساك الرب تبارك وتعا لى له بقدرته ومشيئته وحبسه الماء لطفح
على الارض وعلاها كلها. هذا طبع الماء.
ولهذا حار عقلاء الطبائعيين في سبب بروز هذا ا لجزء من الارض، مع
اقتضاء طبيعة الماء (3) للعلو عليه وأن يغمره، ولم يجدوا ما يحيلون عليه ذلك
إلا الاعتراف بالعناية الازلية وا لحكمة الالهية التي اقتضت ذلك ليعيش
(1) كلمة " فصل " ساقطة من (د، ق، ت). وانطر: دا الاحياء" (4/ 2 4 4).
(2) في الاصول: "المحيط الاعظم ". والمثبت من "الاحياء".
(3) (ت): " طبيعة الارض ".
580