كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
لفاتت مصالح الشتاء، ولو كان شتاء لفاتت منافع الصيف، وكذلك لو كان
ربيعا كله، أو خريفا كله.
ففي الشتاء تغور ا لحرارة في الاجواف وبطون الارض وا لجبال (1)؛
فتتولد مواد الثمار وغيرها، وتبرد الظواقر ويستكثف ا لهواء فيه؛ فيحصل
السحاب والمطر والثلج والبرد الذي به حياة الارض و هلها، و شتداد ابدان
الحيوان وقوتها، وتزايد القوى الطبيعية، واستخلاف ما خلله حرارة
الصيف من الابدان.
وفي الربيع تتحرك الطبائع، وتظهر المواد المتولدة في الشتاء؛ فيظهر
النبات، ويتنور (2) الشجر بالزهر، ويتحرك ا لحيوان للتناسل.
وفي الصيف يحتدم (3) الهواء ويسخن جدا؛ فتنضج الثمار، وتنحل (4)
فضلات الأبدان والاخلاط التي نعقدت في الشتاء، وتغور البرودة وتهرب
إ لى الاجواف؛ ولهذا تبرد العيون والابار، ولا تهضم المعدة الطعام التي
كانت تهضمه في الشتاء من الاطعمة الغليظة (5)؛ لانها كانت تهضمها
با لحرارة التي سكنت في البطون، فلما جاء الصيف خرجت الحرارة إ لى
ظاهر ا لجسد، وغارت البرودة فيه.
فإذا جاء الخريف عتدل الزمان، وصفا الهواء وبرد؛ فانكسر ذلك
(1) (ض): "تعود الحرارة في الشجر و لنبات".
(2) (د، ق، ت): " ويتزرر) ". (ض): " وتنور ".
(3) في الأصول: " يحتد)]. والمثمت من (ر، ض) أشبه. وسيا تي (ص: 639).
(4) (ر، ض): " وتتحلل ".
(5) (د، ق، ت): " المغلظة ".
593