كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
ولما كان الحيوان قد يحتاج في الليل إلى حركة وسير وعمل (1) لا يتهيا له
بالنهار؛ لضيق النهار، أو لشدة ا لحر، أو لخوفه بالنهار؛ كحال كثير من
ا لحيوانات - جعل في الليل من أضواء الكواكب وضوء القمر ما يتاتى فيه معه
أعمال كثيرة؛ كالسفر وا لحرث وغير ذلك من أعمال أهل الحروث والزروع.
فجعل ضوء القمر بالليل معونة للحيوان على هذه ا لحركات، وجعل
طلوعه في بعض الليل دون بعض مع نقص ضوئه عن ضوء الشمس لئلا
يستوي الليل والنهار، فتفوت حكمة الاختلاف بينهما و لتفاوت الذي قدره
العزيز العليم.
فتامل ا لحكمة البالغة والتقدير العجيب الذي اقتضى ان اعان ا لحيوان
على دولة الظلام بجند من النور يستعين به على هذه الدولة المظلمة، ولم
يجعل الدولة كلها ظلمة صرفا بل ظلمة مشوبة بنور؛ رحمة منه وإ حسانا.
فسبحان من أتقن ما صنع، و حسن كل شيء خلقه.
فصل (2)
ثم تأمل حكمته تبارك وتعا لى في هذه النجوم، وكثرتها، وعجيب
خلقها، و نها زينة للسماء، و دلة يهتدى بها في طرق البر والبحر، وما جعل
فيها من الضوء والنور بحيث يمكننا رويتها مع البعد المفرط، ولولا ذلك لم
يحصل (3) لنا بها الاهتداء والدلالة ومعرفة المواقيت.
(1) (ت): " حركة وتبين وعمل) ". (ن، ح): " حركة ومسير وعمل ".
(2) "الدلائل والاعتبار" (7)، " توحيد المفضل " (84 - 85).
(3) (ق): " يجعل ".
598