كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فأراد سبحانه أن يذيقه وولده من تعب الدنيا وغمومها وهمومها و وصابها ما
يعظم به عندهم مقدار دخولهم إليها في الدار الاخرة؛ فان الضد يظهر حسنه
الضد، ولو تربوا في دار النعيم لم يعرفوا قدرها.
* وأيضا؛ فانه سبحانه اراد امرهم ونهيهم، وابتلاءهم واختبارهم،
وليست الجنة دار تكليف؛ فأهبطهم إلى الارض، وعرضهم بذلك لافضل
الثواب (1) الذي لم يكن لينال بدون الامر والنهي.
، وأيضا؛ فانه سبحانه أراد أن يتخذ منهم أنبياء ورسلا، وأولياء
وشهداء، يحبهم ويحبونه، فخلى بينهم وبين أعدائه، وامتحنهم بهم، فلما
اثروه وبذلوا نفوسهم وأموالهم في مرضاته ومحابه نالوا من محبته ورضوانه
والقرب منه ما لم يكن لينال بدون ذلك أصلا؛ فدرجة الرسالة والنبوة
والشهادة وا لحب فيه و لبغض فيه وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه عنده من
أفضل الدرجات، ولم يكن ينال هذا (2) إلا على الوجه الذي قدره وقضا 5 من
إهباطه إلى الارض وجعل معيشة أولاده فيها.
* وأيضا؟ فإنه سبحانه له الاسماء ا لحسنى؛ فمن أسمائه: الغفور،
الرحيم، العفو، ا لحليم، ا لخافض، الرافع، المعز، المذل، المحيي،
المميت، الوارث، الصبور (3)؛ ولا بد من ظهور أثر هذه الاسماء؛ فاقتضت
__________
(1) (ح): "وعوضهم بذلك افصل الثواب ".
(2) (ت): " ولم تكن تنال هذه ".
(3) ورد هذا الاسم في حديث ابي هريرة الطويل في اسماء الله، الذي أخرجه الترمذي
(7 0 5 3) وغيره.
والصواب الذي عليه جماعة من الحفاظ: ان سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج -
6

الصفحة 6