كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

و ما تخصيصه ذلك بأهل الفكر؛ فلأن هذه المخلوقات التي ذكرها من
الماء، فلأن الموضع موضع فكر، وهو نظر القلب وتأمله، لا موضع نظر
مجرد بالعين، فلا ينتفع الناظر بمجرد روية العين حتى ينتقل منه إلى نظر
القلب في حكمة ذلك، وبديع صنعه، والاستدلال به على خالقه وباريه؛
وذلك هو الفكر بعينه.
وأما قوله تعا لى في الاية التي بعدها:! مان في ذلف لأيت لقؤ/
يعقلون >، فجمع الايات؛ لانها تضمنت الليل والنهار والشمس والقمر
والنجوم، وهي ايات متعددة مختلفة في أنفسها وخلقها (1) وكيفياتها:
فإن إظلام ا لجؤ بالغروب (2)، و مجيء الليل الذي يلبس العالم كالثوب
فيسكنون تحته - اية باهرة.
ثم ورود جيش الضياء يقدمه بشير الصباج، فينهزم عسكر الظلام،
وينتشر ا لحيوان، وينكشط ذلك اللباس بجملته = اية أخرى.
ثئم في الشمس التي هي اية النهار اية أخرى، وقي القمر الذي هو اية
الليل اية أخرى، وفي النجوم ايات أخر - كما قدمناه -، هذا مع ما يتبعها من
الايات المقارنة لها من الرياج واختلافها وسائر ما يحدثه الله بسببها= ايات
أخر.
فالموضع موضع جمع.
(1) (ح، ن):"وحلقتها".
(2) (ح، ن): "لغروب لشمس".
605

الصفحة 605