كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
التذكر إذ هو المطلوب من الفكر والعقل.
فتامل ذلك حق التامل.
فإن قلت: فما الفرق بين التذكر والتفكر؟ فإذا تبين الفرق ظهرت
الفائدة.
قلت: التفكر والتذكر أصل الهدى والصلاح، وهما قطبا السعادة؛ ولهذا
وسعنا الكلام في الفكر في هذا الوجه؛ لعظم المنفعة وشدة الحاجة إليه.
قال الحسن: "ما زال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر، وبالتفكر
على التذكر، ويناطقون القلوب حتى نطقت؛ فاذا لها أسماع وأبصار" (1).
فاعلم ن التفكر طلب القلب ما ليس بحاصل من العلوم (2) من أمر هو
حاصل منها، هذا حقيقته؛ فانه لو لم يكن ثم مواد تكون (3) موردا للفكر
ستحال الفكر؛ لان الفكر بغير متعلق متفكر فيه محال، وتلك المواد هي
الامور الحاصلة، ولو كان المطلوب بها حاصلا عنده لم يتفكر فيه.
فاذا عرف هذا فالمتفكر ينتقل من المقدمات (4) والمبادىء التي عنده
إ لى المطلوب الذي يريده، فاذا ظفر به وتحصل له تذكر به وأبصر مواقع
الفعل والترك وما ينبغي إيثاره وما ينبغي جتنابه؛ فالتذكر هو مقصود التفكر
وثمرته، فاذا تذكر عاد بتذكره على تفكره فاستخرج به ما لم يكن حاصلا
(1) تقدم تخريجه (ص: 518).
(2) (ن، ح): "بحاصل يحصل من العلوم ".
(3) في الأصول: "مر د يكون ". وهو تحريف، وسيأتي على الصواب.
(4) (ح): " ا لمقامات ". وهو تحريف.
607