كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
في البر لا يمكنه الحياة إلا به، فهو معه اين كان وحيث كان؛ لانه لا يستغني
عنه لحظة واحدة، ولولا كثرته وسعته وامتداده في أقطار العا لم لاختنق أهل
العالم (1) من الدخان والبخار المتصاعد المنعقد.
فتأمل حكمة ربك في أن سخر له الرياج، فاذا تصاعد إلى ا لجو أحالته
سحابا و ضبابا، فأذهبت عن العا لم شره وأذاه.
فسل ا لجاحد: من الذي دبر هذا التدبير وقدر هذا التقدير؟ وهل يقدر
أهل العالم (2) كلهم لو جتمعوا أن يحيلوا ذلك ويقلبو 5 سحابا و ضبابا، أو
يذهبوه عن الناس ويكشفوه عنهم؟
ولو شاء ربه تعالى لحبس عنه الرياج قاختنق على وجه الارض، فأهلك
ما عليها من الحيوان والناس.
فصل (3)
ومن ذلك: سعة هذه الارض وامتدادها، ولولا ذلك لضاقت عن مساكن
الانس وا لحيوان، وعن مزارعهم ومراعيهم، ومنابت ثمارهم و عشابهم.
فان قلت: فما حكمة هذه القفار الخالية، والفلوات الفارغة الموحشة؟
فاعلم أن فيها معايش (4) ما لا يحصيه إلا الله من الوحوش والدواب،
وعليها أرزاقهم، وفيها مطردهم ومنزلهم؛ كا لمدن والمساكن للانس، وفيها
(1) (ت): " كل العا لم ". (ن، ح): " لاختنق العا لم ". (ر، ض): "هذا الانام".
(2) (ت، ن): "يقدر العا لم ".
(3) " الدلائل والاعتبار" (6 1)، " توحيد المفضل " (0 9، 92).
(4) (د، ق): " معاش).
635