كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
فمنها غلاظ ممتدة في الطول والعرض، ومنها دقاق تتخلل تلك
الغلاظ، منسوجة نسجا دقيقا معجبا لو كان مما يتولى البشر صنع مثله
بايديهم لما فخ من ورقة في عام كامل، ولاحتاجوا فيه إلى آلات وحركات
وعلاج تعجز قدرتهم عن تحصيله، فبث الخلاق العليم في أيام قلائل من
ذلك ما يملأ الارض سهلها وجبالها بلا آلات ولا معين ولا فكرة ولا
معا لجة، إن هي إلا إرادته النافذة في كل شئ، وقدرته التي لا يمتنع منها
شئ؛! رهانما أفره، ذا أراد شئا أن يقول لهبهن فيكوت) [يس: 82].
فتأمل الحكمة في تلك العروق المتخللة للورقة (1) بأسرها لتسقيهما
(2) اليها المادة فتحفظ عليها حيا تها ونضارتها، لمنزلة العروق
ولوصلء
المبثوثة في الابدان التي توصل الغذاء إلى كل جزء منه.
وتأمل ما في العروق الغلاظ من إمساكها الورق بصلابتها ومتانتها لئلا
تتمزق وتضمحل (3)، فهي بمنزلة الاعصاب لبدن الحيوان، فتراها قد
أحكمت صنعتها ومدت العروق فى طولها وعرضها لتتماسك فلا يعرض
لها التمزق.
فصل
ثم تأمل حكمة اللطيف الخبير في كونها (4) جعلت زينة للشجر، وستزا
ولباشا للثمرة، ووقاية لها من الافات التي تمنع كمالها؛ ولهذا إذا جردت
(1) (د، ق): " ا لور قة " ه (ت): " ا لمو رقة ".
(2) (ح، ن): " وير سل ".
(3) (ر، ض): "تنتهك وتتمزق ".
(4) اي: الورق.
644