كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

فتأمل هذه الحكمة البديعة في الشحم المودع فيها؛ فإن الحب لا يمد
بعضه بعضا، إذ لو مد بعضه بعضا لاختلط وصار حبة واحدة، فجعل ذلك
الشحم خلاله (1) ليمده بالغذاء.
والدليل عليه أنك ترى أصول الحمث مركوزة في ذلك الشحم، وهذا
بخلاف حب العنب فإنه استغنى عن ذلك بأن جعل لكل حبة مجرى تشرب
منه، فلا تشرب حق أختها، بل يجري الغذاء في ذلك العرق مجرى واحدا،
ثم ينقسم منه في مجاري الحبوب كلها، فينمسب منه (2) في كل مجرى غذاء
تلك الحبة، فتبارك الله أحسن الخالقين.
ثم إنه لف ذلك الحتث في تلك الرمانة بتلك اللفائف؛ لتضمه و تمسكه
فلا يضطرب ولا يتبدد، ثم غشى فوق ذلك بالغشاء الصلب (3)، صوانا له (4)
وحافظا (5) وممسكا له بإذن الله وقدرته.
فهذا قليل من كثير من حكمة هذه الثمرة الواحدة، ولا يمكننا - ولا
غيرنا - استقصاء ذلك، ولو طالت الايام واتسع الفكر (6)، ولكن هذا منبه
على ما وراءه، واللبيب يكتفي ببعض ذلك، وأما من غلبت عليه الشقاوة،
فكأين من آية في السموات والارض يمر عليها وهو معرض عنها (7)، غافل
(1) (ح): "غلافه ". وسقطت من (ن).
(2) (ح): "قينبعث منه ".
(3) (ر، ض): " بالقشرة المستحصفة ".
(4) (ت): "صنوانا". (ن، ح): "صونالما.
(5) (ق، ن): "وحفظا". (ح): "وحفاظا". (ض): " لتصونه و تحصنه لما.
(6) (ت): " الذكر".
(7) سها ناسخ (ق) فكتب بدل هذه ا لجملة اية سورة يوسف: 5 0 1، التي اقتيس منها=
9 4 6

الصفحة 649