كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

بمنزلة وقت العلوق ومبدأ تكوين النطف، فتعمل المادة في أجوافها عملها،
وتهيئها للعلوق، حتى إذا آن وقت ا لحمل دب فيها الماء، فلانت أعطافها (1)،
وتحركت للحمل، وسرى ا لماء في أفنانها، وانتشرت فيها ا لحرارة والرطوبة.
حتى إذا آن وقت الولادة كسيت من سائر الملابس الفاخرة من النور
والورق ما تتبختر فيه (2) وتميس به وتفخر على العقيم، فاذا أظهرت
أولادها (3)، وبان للناظر حملها، علم حينئذ كرمها وطيبها من لؤمها وبخلها؛
فتولى تغذية ذلك ا لحمل من تولى غذاء الاجنة في بطون أمها تها وكساها
الاوراق وصانها من ا لحر والبرد.
فاذا تكامل الحمل وان وقت الفطام، تدلت إليك أفنانها كأنما تناولك
ثمرة كبدها (4)، فإذا قابلتها رأيت الافنان كانها تلقاك باولادها و تحييك
وتكرمك بهم وتقدمهم إليك، حتى كأن مناولا يناولك إياها بيده، ولا سيما
قطوف جنات النعيم الدانية التي يتناولها المؤمن قائما وقاعدا ومضطجعا،
وكذلك ترى الرياحين كأنها تحييك بأنفسها، وتقابلك بطيب رائحتها.
وكل هذا إكراما لك، وعناية بأمرك، وتخصيصا لك، وتفضيلا على غيرك
من الحيوانات، أفيجمل بك الاشتغال بهذه النعم عن المنعم بها؟! فكيف إذا
ستعنت بها على معاصيه وصرفتها في مساخطه؟! فكيف إذا جحدته وأضفتها
إ لى غيره، كما قال: < وتخعلون رزقكئم أنبهئم تكذبون) [الواقعة: 82]؟!
(1) (ت): " فملأت أعطافها".
(2) (ن، ح): " تفتخر به) ".
(3) (ح، ن): " ظهرت أولادهالا. (ت): "ظهرت ولاد تها)].
(4) (ح): " ثمر درها ".
652

الصفحة 652