كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

تسميته كرما كذب، وأنها لفظة لا معنى تحتها كتسمية ا لجاهل عالما
والفاجر برا والبخيل سخيا، ألا ترى أنه لم ينف فوائد شجر العنب، وانما
أخبر أن قلب المؤمن أغزر فوائد و عظم منافع منها؟!
هذا الكلام أو قريب منه جرى في ذلك المجلس.
وأنت إذا تدبرت قول النبي! ك! ياله: "الكرم قلب ا لمؤمن " وجدته مطابقا
لقوله في النخلة: "مثلها مثل المسلم "؛ فشبه النخلة بالمسلم في حديث آبن
عمر (1)، وشبه المسلم بالكرم في الحديث الاخر، ونهاهم أن يخصوا شجر
العنب باسم الكرم دون قلب المؤمن.
وقد قال بعض الناس في هذا معنى آخر؛ وهو أنه نهاهم عن تسمية
شجر العنب كرما لانه يقتنى منه أم الخبائث؛ فيكره أن يسمى باسم يرغب
النفوس فيها ويحضهم عليها؛ من باب سد الذرائع في الالفاظ (2). وهذا لا
بأس به لولا ان قوله: "فإن الكرم قلب المؤمن " كالتعليل لهذا النهي
والاشارة إلى أنه أولى بهذه التسمية من شجر العنب.
ورسول الله لمجم أعلم بما اراد من كلامه، فالذي قصده هو ا لحق.
وبا لجملة؛ فادله سبحانه عدد على عباده من نعمه عليهم ثمرات النخيل
والاعناب، فساقها فيما عدده عليهم من نعمه.
والمعنى الاول أظهر من المعنى الاخر إن شاء الله (3)؛ فإن أم الخبائث
(1) تقدم تخريجه قريبا.
(2) انظر: "المعلم " للمازري (3/ 1 1 1)، و" فتح الباري " (0 1/ 567).
(3) ومال إلى المعنى لاول أبو الوليد الباجي في "المنتقى! (4/ 4 24)، وقذمه لمصنف
في " تهذيب السنن " (13/ 217)، وتردد فيه في "زاد لمعاد) (2/ 349، 4/ 369).
9 5 6

الصفحة 659