كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

فتأمل خلقة ا لجذع الذي لها كيف هو، تجده كالمنسوج من خيوط
ممدودة كالسدى، و خرى معترضة كاللحمة (1)، كنحو المنسوج باليد، وذلك
لتشتد (2) وتصلب، فلا تتقصف (3) من حمل القنوان الثقيلة (4)، وتصبر على
هز الرياج (5) العاصفة، ولبثها في السقوف (6) وا لجسور وا لاوا ني وغير ذلك
مما يتخذ منها.
وهكذا سائر الخشب غيرها فيه إذا تأملته شبه النسج، ولا تراه مصمتا
كا لحجر الصلد، بل ترى بعضه كأنه يد 1 خل بعضا طولا وعرضا كتداخل
أجزاء اللحم بعضها في بعض؛ فإن ذلك أمتن له وأهيأ لما يراد منه، فإنه لو
كان مصمتا (7) كالحجارة لم يمكن أن يستعمل في الالات والابواب
والاوا ني والامتعة والاسرة والتوابيت وما شبهها.
ومن بديع الحكمة في الخشب ان جعل يطفو على الماء، وذلك
للحكمة البالغة؛ إذ لولا ذلك لما كانت هذه السفن تحمل أمثال ا لجبال من
الحمولات والامتعة، وتمخر البحر مقبلة ومدبرة، ولولا ذلك لما تهيا
للناس هذه المرافق لحمل هذه التجارات العظيمة والامتعة الكثيرة ونقلها
(1) السدى: ا لخيوط التي تمد طولا في النسيج. واللحمة: ا لخيوط التي ذحد عرضا
يلحم بها السدى. " المعجم الوسيط " (سدا، لحم).
(2) اي: جذوع النخل. وفي (ض): " ليشتد" وكذا ما بعده، للمفرد.
(3) (ت): "تنقص". (ح، ن): " تنقصف ".
(4) القنوان: جمع قنو، وهو العذق بما فيه من الرطب.
(5) (ت): " مر الرياج ".
(6) (ر، ض): " وليتهيا للسقوف ". وهي قراءة محتملة.
(7) وهو ما لا جوف له. وفي (د، ق، ر، ض): "مسخ"، وهو المسجد.
662

الصفحة 662