كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
ومعاده؟! فانه لو كان يزاول من الاعمال والاحمال ما يزاول ا لحيوان لشغل
بذلك عن كثير من الاعمال؛ لانه كان يحتاج مكان ا لجمل الواحد إلى عدة
أناسي (1) يحملون أثقاله وحمله، ويعجزون عن ذلك، وكان ذلك يستفرغ
أوقاتهم ويصدهم عن مصا لحهم؛ فأعينوا بهذه ا لحيوانات، مع ما لهم فيها من
المنافع التي لا يحصيها إلا الله: من الغذاء والشراب، والدواء، واللباس والامتعة،
والالات والاوا في، والركوب والحرث، والمنافع الكثيرة، والجمال.
فصل (2)
ثم تامل الحكمة في خلق الات البطش في ا لحيوانات من الإنسان
وغيره:
فالإنسان لما خلق مهيا لمثل هذه الصناعات من البناء والخياطة
والكتابة والنجارة (3) وغيرها حلق له كف مستديرة منبسطة وأصابع يتمكن
بها من القبض والبسط والطي والنشر وا لجمع والتفريق وضم الشيء إ لى
مثله.
وا لحيوان البهيم لما لم يهيا لتلك الصنائع لم يخلق له تلك الاكف
والاصابع، بل لما قدر أن يكون غذاء بعضها من صيده -كالسباع - خلق لها
أكف لطاف مدمجة ذوات براثن ومخالب تصلح لاقتناص الصيد ولا تصلح
للصناعات.
(1) (ت): " اناس ".
(2) "الدلالل والاعتبار" (26)، "توحيد المفضل " (53).
(3) (د، ت، ن، ض): "والتجارة ". وا لمثمت من (ق، ح، ر) و" البحار" (1 6/ 53)، وهو
اشبه.
667