كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

حكمته فيما أحكمه (1)، وشهدت فطنهم وعقولهم أن مصدر ذلك حكمة
بالغة وإحسان تام ومصلحة أريدت بالعباد في معاشهم ومعادهم، وهم في
ذلك درجات لا يحصيها إلا الله.
ومنهم من يكون حظه من مشاهدة حكمة الخلق أوفر من حظه من حكمة
الامر، وهم اأكثر الاطباء والطبائعيين الذين صرفوا أفكارهم إلى ستخراج
منافع النبات وا لحيوان وقواها وما تصلح له مفردة ومركبة، وليس لهم نصيب
في حكمة الامر إلا كما للفقهاء من حكمة الخلق، بل اقل من ذلك.
ومنهم من فتح عليه بمشاهدة حكمة الخلق والامر (2) بحسب آستعداده
وقوته، فرأى الحكمة الباهرة التي بهرت العقول في هذا وهذا، فإذا نطر إ لى
خلقه وما فيه من الحكم آزداد إيمانا ومعرفة وتصديقا بما جاءت به الرسل،
وإذا نطر إلى أمره وما تضمنه من ا لحكم الباهرة آزداد إيمانا ويقينا وتسليما.
لا كمن حجب بالصنعة عن الصانع، وبالكواكب عن مكوكبها؛ فعمي
بصره، وغلط عن الله حجابه، ولو أعطى علمه حقه لكان من أقوى الناس
إيمانا؛ لانه آطلع من حكمة الله وباهر اياته (3) وعجائب صنعه الدالة عليه
وعلى علمه وقدرته وحكمته على ما خفي عن غيره. ولكن من حكمة الله
أيضا ن سلب كثيرا من عقول هؤلاء (4) خاصتها (5)، وحجبها عن معرفته،
(1) في الاصول: "احله ". والمثبت أشبه.
(2) (ح، ن): "بمشاهدة ا لخلق والامر".
(3) (ن، ح): " وبراهينه ".
(4) (ت): "عقول كثير من هؤلاء".
(5) (ح، ن): " خاصيتها". وا لخاصية نسبة إلى ا لخاصة.
0 7 6

الصفحة 670