كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

ليتهيا الامر الذي به دوام النسل.
فصل (1)
ثم تأمل كيف كسيت أجسام ا لحيوان البهيمي هذه الكسوة من الشعر
والوبر والصوف، وكسيت الطيور الريش، وكسي بعض الداوب من ا لجلد ما
هو في غاية الصلابة والقوة، كالسلحفاة، وبعضها من الريش ما هو كالاسنة،
كل ذلك بحسب حاجتها إلى الوقاية من الحر والبرد والعدو الذي يريد
أذاها.
فإنها لما لم يكن لها سبيل إلى تخاذ الملابس واصطناع الكسوة
والات الحرب، اعينت بملابس وكسوة لا تفارقها، والات و سلحة تدفع بها
عن نفسها (2).
و عينت بأظلاف وأخفاف وحوافر لما عدمت الاحذية و لنعال، فمعها
حذاوها وسقاوها، وخص الفرس و لبغل و لحمار با لحوافر لما حلق
للركض والشد وا لجري، وجعل لها ذلك أيضا سلاحا عند انتصافها من
خصمها عوضا من الصياصي (3) والمخالب والانياب و لبراثن.
فتأمل هذا اللطف والحكمة، فإنها لما كانت بهائم خرسا لا عقول لها،
ولا أكف ولا صابع مهياة للانتفاع والدفاع، ولا حظ لها فيما يتصرف فيه
الادميون من النسج والغزل ولطف الحيلة = جعلت كسوتها من خلقتها باقية
(1) "الدلائل والاعتبار" (9 2 - 0 3)، "توحيد المفضل " (1 6 - 62).
(2) (ح، ن): "تدفع عن نفسها".
(3) وهي القرون. كما تقدم.
676

الصفحة 676