كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

على كثرتها، لا يرى منها شي جم! 1)، وليست شيئا قليلا فتخفى لقلتها، بل قد
قيل: إنها أكثر من الناس.
واعتبر ذلك بما تراه في هذه الصحاري من أسراب الطباء والبقر والوعول،
والذئاب والنمور، وضروب ا لهوام على اختلافها، وسائر دواب الارض،
وأنواع الطيور، التي هي أضعاف اضعاف بني ادم؛ لا تكاد ترى منها شيئا ميتا، لا
في كناسه (2)، ولا في أوكاره، ولا في مساقطه ومراعيه وطرقه وموارده ومناهله
ومعاقله ومعاصمه؛ إلا ما عدا عليه عاد؛ إما افترسه سبع أو رماه صائد أو عدا
عليه عاد أشغله و شغل بني جنسه عن إحراز جسمه وإخفاء جيفته.
فدل ذلك على أنها إذا أحست بالموت، ولم تغلب على أنفسها،
كمنت (3) حيث لا يوصل إلى أجسامها، وقبرت جيفها قبل نزول البين بها،
ولولا ذلك لامتلأت الصحاري بجيفها و فسدت الهواء برو [ئحها، فعاد
ضرر ذلك بالناس، وكان سبيلا إلى وقوع الوباء.
وقد دل على هذا قوله تعالى في قصة ابني ادم: <فبعث الله غ! إبا يبحث
في الأرض ليريه بهيف يؤرهسؤءة خية قال يوئيتي+ عجرت أن أكون مثل
هذا لغ! إب باؤري سو 5 أخى فأصبح من النر) [المائدة: 31].
و ما ما جعل عيشه بين الناس، كالانعام و لدواب؛ فلقدرة لانسان على
(1) اي: ميتا، إلا في احوال قليلة، كما سيأتي. وفي السياق هاهنا اختصار مخل، و 1 لنص
في (ر، ض): ". . . فإنها تواري انفسها كما يواري الناس موتاهم، وإلا فاين جيف
هذه الوحوش والسباع وغيرها لا يرى منها شيء؟!. . .".
(2) وهو الموضع الذي ياوي إليه الظبي؛ ليستكن به ويستتر. "اللسان " (كنس).
(3) (ن، ح): " مكثت ". (ض): "كمنوا".
679

الصفحة 679