كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
جديرا أن يرسل هذا الطائر إلى القاتل من ابني ادم دون غيره من الطيور،
فكانه صورة طائره الذي ألزمه في عنقه، وطار عنه من عمله.
ولا تظن أن إرسال الغراب وقع آتفاقا خاليا من ا لحكمة؛ فانك إذا خفي
عليك وجه الحكمة فلا تنكرها، واعلام ن خفاءها من لطفها وشرفها، ودده
تعا لى فيما يخفي وجه الحكمة فيه على البشر الحكم الباهرة (1) المتضمنة
للغايات المحمودة.
فصل (2)
ثم تأمل ا لحكمة الباهرة في وجه الدابة كيف هو؛ فانك ترى العينين فيه
شاخصتين أمامها لتبصر ما بين يديها أتم من بصر غيرها؛ لانها تحرس نفسها
وراكبها فتتقي أن تصدم حائطا أو تتردى في حفرة، فجعلت عيناها كعيني
المنتصب القامة لانها طليعته، وجعل فوها مشقوقا (3) في أسفل الخطم (4)
لتتمكن من العض والقبض على العلف؛ إذ لو كان فوها في مقدم الخطم
كمكانه (5) من الانسان في مقدم الذقن لما استطاعت أن تتناول به شيئا من
الارض.
ألا ترى الانسان لا يتناول الطعام بفيه لكن بيده، فلما لم تكن الدابة
و" ا لجليس وا لأنيس لا (2/ 9 3 1)، وغيرها.
(1) (ت): " ا لحكمة البالغة الباهرة لا.
(2) "الدلائل والاعتبار" (31)، " توحيد المفضل " (57 - 58).
(3) (ح، ن): "مستوفيا".
(4) الخطم: الانف، او مقدمه. " المعجم الوسيط " (خطم).
(5) (ح، ن): "كما انه".
682