كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
فإن قلت: فما باله لم يخلق ذا عنق كسائر الانعام؟ وما الحكمة في
ذلك؟
قيل: ذلك - والله أعلم بحكمته في مصنوعاته - لان رأسه و ذنيه أمر
هائل عظيم، وحمل ثقيل (1)، فلو كان ذا عنق كسائر الاعناق لانهدت رقبته
بثقله (2)، ووهنت بحمله؛ فجعل رأسه ملصقا بجسمه لئلا يناله منه شيء من
الثقل والمؤنة، وخلق له مكان العنق هذا المشفر الطويل يتناول به غذاءه.
ولما طالت عنق البعير للحكمة في ذلك صغر رأسه بالنسبة إلى عظم
جثته؛ لئلا يؤذيه (3) ثقله ويوهن عنقه.
فسبحان من فاتت أدلة حكمته (4) عد العادين وحصر ا لحاصرين.
فصل (5)
ثم تأمل حلق الزرافة و ختلاف أعضائها وشبهها بأعضاء جميع
ا لحيوان؛ فرأسها رأس فرس (6)، وعنقها عنق بعير، و ظلافها أظلاف بقرة،
وجلدها جلد نمر، حتى زعم بعض الناس أن لقاحها من فحول شتى.
(1) (ح، ن): "امر هائل ثقيل ". (ر، ض): "أمر عظيم وثقل ثقيل ".
(2) (ت): "لثقله ".
(3) (ق): " يوده". لعلها: يؤوده.
(4) (ق، د، ت): (فاتت حكمته ".
(5) " الدلائل و 1 لاعتبار" (32 - 33)، "توحيد المفضل " (59 - 0 6).
(6) " ا لحيوان " (7/ 2 4 2): " وللزرافة خطم ا لجمل "، وفي " حياة [لحيوان " (2/ 481):
" راسها كراس الابل ".
685
الصفحة 685