كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
فصل (1)
ثم تامل هذه النملة الضعيفة وما عطيته من الفطنة و [لحيلة في جمع
القوت و دخاره وحفظه ودفع الافة عنه؛ فإنك ترى في ذلك عبرا وايات.
فترى جماعة النمل إذا أرادت إحراز القوت خرجت من ا سرابها طالبة
له، فاذا ظفرت به أخذت طريقا من أسرابها إليه وشرعت في نقله، فتراها
رفقتين: رفقة (2) حاملة تحمله إلى بيوتها سربا ذاهبا، ورفقة خارجة من
بيوتها إليه لا تخالط تلك في طريقها، بل هما كالخيطين، بمنزلة جماعة
الناس الذاهبين في طريق وا لجماعة الراجعين من جانبهم في طريق.
فاذا ثقل عليها حمل الشيء من ذلك اجتمعت عليه جماعة من النمل
وتساعدت على حمله، بمنزلة الخشبة والحجر الذي تتساعد الفئة من الناس
عليه.
فاذا كان الذي ظفر به منهن واحدة ساعدها رفقتها عليه إلى بيتها وخلوا
بينها وبينه، وان كان الذي صادفه جماعة منهن تساعدن عليه ثم تقاسمنه
على باب البيت.
ولقد أخبرني (3) بعض الصادقين (4) أنه شاهد منهن يوما عجبا، قال:
رأيت نملة جاءت إلى شق جرادة فزاولته، فلم تطق رفعه (5) من الارض،
(1) " الدلائل والاعتبار" (36)، "توحيد المفضل " (65 - 66).
(2) الرفقة - بضم الراء وكسرها -: ا لجماعة المترافقون. "اللسان)].
(3) (ح، ق، ن): " اخبر". وفي " شفاء العليل " (239): "حدثني من اثق به ".
(4) (ن): " العارفين ".
(5) (ح، ن): " حمله ".
690