كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
وقد أخبر سبحانه أنه حلقه من تراب، وأخبر أنه خلقه من سلالة من
طين، و خبر أنه حلقه من صلصال من حمأ مسنون.
والصلصال، قيل فيه: هو الطين اليابس الذي له صلصلة ما لم يطبخ،
فاذا طبخ فهو فخار. وقيل فيه: هو المتغير الرائحة، من قولهم: صل، إذا
أنتن.
وا لحمأ: الطين الاسود المتغير.
والمسنون، قيل: المصبوب، من: سننت الماء، إذا صببته. وقيل:
المنتن (1)، من قولهم: سننت الحجر على الحجر، إذا حككته، فإذا سال
بينهما شيء فهو سنين، ولا يكون إلا منتنا.
وهذه كلها أطوار للتراب الذي هو مبدو 5 الاول (2).
كما أخبر عن خلق الذرية من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة (3)،
وهذه أحوال النطفة التي هي مبدأ الذرية.
ولم يخبر سبحانه أنه رفعه من الارض إلى فوق السموات، لا قبل
التخليق ولا بعده، وإنما أخبر عن إسجاد الملائكة له، وعن إدخاله ا لجنة،
وما جرى له مع إبليس بعد خلقه، فاخبر سبحانه بالامور الثلاثة في نسق
واحد، مرتبالا بعضها ببعض.
قالوا: فاين الدليل الدال على إصعاد مادته، وإصعاده بعد حلقه إلى فوق
(1) مهملة في (د، ق، ت، ن). (ح): " المنتن المسن ".
(2) انطر: " تفصيل النشاتين " للراغب (72).
(3) (د، ح، ت، ن): " من نطفة ومن علقة ومن مضغة ".
74