كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
تكون الجنة التي كاد فيها ادم وغره وقاسمه كاذبا هي تلك التي أهبط منها،
بل القران يدل على أنها غيرها، كما ذكرناه.
فعلى التقديرين، لا تدل الاية على أن الجنة التي جرى لادم مع إبليس
ما جرى فيها هي جنة الخلد.
قالوا: و ما قولكم: إن بني إسرائيل كانوا بجبال الشراة المشرفة على
الارض التي يهبطون إليها، وهم كانوا يسيرون ويرحلون، فلذلك قيل لهم:
! اهبطو >- فهذا حق لا ننازعكم فيه، وهو بعينه جواب لنا؛ فان الهبوط
يدل على أن تلك الجنة كانت أعلى من الارض التي هبطوا إليها، و ما
كونها جنة الخلد فلا.
قالوا: والفرق بين قوله: <اهبطو مصرا! وقوله: <اهبطوأ مثها> بان
الاول متضمن لنهاية الهبوط وغايته، و<اساو متها> متضمن لمبدئه
و وله- لا تاثير له فيما نحن فيه؛ فان "هبط من كذا إلى كذا" يتضمن معتى
الانتقال من مكان عال إلى مكان ساقل، فأي تأثير لابتداء الغاية ونهايتها في
تعيين محل الهبوط بأنه جنة الخلد؟!
قالوا: و ما قصة موسى ولومه لادم على إخراجه من ا لجنة، فلا يدل
على أنها جنة الخلد.
وقولكم: "لا يطن بموسى أنه يلوم ادم على إخراجه نفسه وذريته من
بستان في الارض " تشنيع لا يفيد شيئا؛ أفترى كان ذلك بستانا مثل احاد هذه
البساتين المقطوعة الممنوعة، التي هي عرضة الافات، والتعب والنصب،
والظمأ والضحي (1)، والسقي والتلقيح، وسائر وجوه النصب الذي يلحق
(1) ضحا الرجل، يضحى، ضحيا: إذا اصابه حر الشمس. "اللسان " (ضحا).
85