كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

البهائم، بل قد يكون حط كثير من البهائم منها أكثر من حط الانسان؛ فمن لم
يكن عنده لذة إلا اللذة التي تشاركه فيها السباع و 1 لدواب و لانعام فذلك
ممن ينادى من مكالب بعيد (1).
ولكن اين هذه اللذة من اللذة بامر إذا خالط بشاشته القلوب سلا عن
الابناء والنساء، والاوطان والاموال، والاخوان والمساكن، ورضي بتركها
كلها والخروح منها رأشا، وعرض نفسه لانواع المكاره والمشاق، وهو
متحمل لهذا (2)، منشرح الصدر به، يطيب له قتل ابنه و بيه وصاحبته و خيه،
لا تأخذه في ذلك لومة لائم.
حتى إن أحدهم (3) ليتلقى الرمح بصدره وهو يقول: "فزت ورب
الكعبة ".
ويستطيل الاخر (4) حياته حتى يلقي قوته من يده، ويقول: "إنها لحياة
طويلة إن صبرت حتى آكلها"، ثم يتقدم إلى الموت فرحا مسرورا.
ويقول الاخر (5) - مع فقره -: "لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن
(1) قال الفراء في "معاني القران " (3/ 0 2): " تقول للرجل الذي لا يفهم قولك: انت
تنادى من مكان بعيد. وتقول للفهم: إنك لتاخذ الشيء من قريب ".
وانظر: "معاني لقران" للنحاس (6/ 281).
(2) غير محررة في (د، ت). (ق): "مستحل بهذا". (ن): " متحمل بهذا".
(3) هو حرام بن ملحان رضي الله عنه. اخرجه البخاري (92 0 4)، ومسلم (677).
(4) هو عمير بن لحمام رضي الله عنه. أخرج خبره مسلم (1 190).
(5) هو إبراهيم بن أدهم. اخرج قوله ابو نعيم في " لحلية " (7/ 370)، والبيهقي في
" الزهدلما (0 8)، وغير هما.
96

الصفحة 96