كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم (اسم الجزء: 11)

فيحكى بعده الكلام من غير أن يتوسط بينهما حرف التفسير، لا تقول: ما قلت لهم إلا أن اعبدوا الله، ولكن: ما قلت لهم إلا اعبدوا الله. وأما فعل الأمر فمسند إلى ضمير الله عز وجل، فلو فسرته. باعبدوا الله ربي وربكم لم يستقيم، لأن الله تعالى لا يقول: اعبدوا الله ربي وربكم.
وإن جعلتها موصولة بالفعل لم تخل من أن تكون بدلاً من (ما أمرتني به) أو من الهاء في (به) وكلاهما غير مستقيم؛ لأن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل عنه، ولا يقال: ما قلت لهم إلا أن اعبدوا الله، بمعنى: ما قلت لهم إلا عبادته، لأن العبادة لا تقال، وكذلك إذا جعلته بدلاً من لهاء، فقلت: إلا ما أمرتني بأن اعبدوا الله لم يصح، لبقاء الموصول بغير راجع إليه من صلته. فإن قلت: فكيف يصنع؟ قلت: يحمل فعل القول على معناه، لأن معنى: (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به): ما أمرتهم إلا بما أمرتني به. ويجوز أن تكون (أن) موصولة عطف بيان».
في النهر 60:4: «أما قوله: {إن الله لا يقول اعبدوا الله ربي وربكم} فإنما لم يستقم لأنه جعل الجملة وما بعدها مضمومة إلى فعل الأمر، ويستقيم على أن يكون {الله ربي وربكم} من كلام عيسى عليه السلام إضمار أعني.
وأما قوله: (إن العبادة لا تقال) يصح ذلك على حذف مضاف، أي ما قلت لهم إلا القول الذي أمرتني به قول عبادة الله. وأما قوله لبقاء الموصول بغير راجع فلا يلزم في كل بدل أن يحل محل المبدل منه، ألا ترى إلى تجويز النحويين: زيد مررت به أبي عبد الله. عطف البيان أكثره في الجوامد الأعلام.
وما اختاره الزمخشري وغيره من أن (أن) مفسرة لا يصح، لأنها جاءت بعد إلا، وما كان مستثنى فلا بد أن يكون له موضع من الإعراب، ويظهر لي أن تكون مفسرة لفعل محذوف يدل على معنى القول، وتقديره: أمرتهم أن يعبدوا الله».
وانظر المغنى: 30
13 - ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن [151:6]

الصفحة 93