كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 11)

فَقَوْلُهُ بَدِلًا نَهَارِيَ كُلَّهَ يَدُلُّ عَلَى أَن الأُصُل هاهنا وَاحِدٌ، وَتَصْغِيرُهُ أُصَيْلان وأُصَيْلال عَلَى الْبَدَلِ أَبدلوا مِنَ النُّونِ لَامًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
وَقَفْتُ فِيهَا أُصَيْلالًا أُسائِلُها، ... عَيَّتْ جَواباً، وَمَا بالرَّبْع مِنْ أَحَد
قَالَ السِّيرَافِيُّ: إِن كَانَ أُصَيْلان تَصْغِيرَ أُصْلان وأُصْلان جَمْعُ أَصِيل فَتَصْغِيرُهُ نَادِرٌ، لأَنه إِنما يُصَغَّرُ مِنَ الْجَمْعِ مَا كَانَ عَلَى بِنَاءِ أَدنى الْعَدَدِ، وأَبنية أَدنى الْعَدَدِ أَربعة: أَفعال وأَفعُل وأَفعِلة وفِعْلة، وَلَيْسَتْ أُصْلان وَاحِدَةً مِنْهَا فَوَجَبَ أَن يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالشُّذُوذِ، وإِن كَانَ أُصْلان وَاحِدًا كرُمَّان وقُرْبان فَتَصْغِيرُهُ عَلَى بَابِهِ؛ وأَما قَوْلُ دَهْبَل:
إِنِّي الَّذِي أَعْمَل أَخْفافَ المَطِي، ... حَتَّى أَناخَ عِنْدَ بابِ الحِمْيَرِي،
فَأُعْطِي الحِلْقَ أُصَيْلالَ العَشِي
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ، إِذ الأَصِيل والعَشِيُّ سَوَاءٌ لَا فَائِدَةَ فِي أَحدهما إِلا مَا فِي الْآخَرِ. وآصَلْنا: دَخَلْنا فِي الأَصِيل. وَلَقِيتُهُ أُصَيْلالًا وأُصَيلاناً إِذا لقِيتَه بالعَشِيِّ، ولَقيتُه مُؤْصِلًا. والأَصِيلُ: الْهَلَاكُ؛ قَالَ أَوس:
خَافُوا الأَصِيلَ وَقَدْ أَعْيَتْ ملوكُهُمُ، ... وحُمِّلوا مِنْ أَذَى غُرْمٍ بأَثقال
وأَتَيْنا مُؤْصِلِين «1» وَقَوْلُهُمْ لَا أَصْل لَهُ وَلَا فَصْل؛ الأَصْل: الحَسَب، والفَصْل اللِّسَانُ. والأَصِيلُ: الْوَقْتُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلى الْمَغْرِبِ. والأَصَلَة: حَيَّة قَصِيرَةٌ كالرِّئَة حَمْرَاءُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الْحُمْرَةِ لَهَا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ تَقُومُ عَلَيْهَا وتُساور الإِنسان وَتَنْفُخُ فَلَا تُصِيبُ شَيْئًا بِنَفْخَتِهَا إِلا أَهلكته، وَقِيلَ: هِيَ مِثْلُ الرَّحَى مُسْتَدِيرَةٌ حمراءُ لَا تَمَس شَجَرَةً وَلَا عُودًا إِلا سَمَّته، لَيْسَتْ بِالشَّدِيدَةِ الْحُمْرَةِ لَهَا قَائِمَةٌ تَخُطُّ بِهَا فِي الأَرض وتَطْحَن طَحْنَ الرَّحَى، وَقِيلَ: الأَصَلَة حَيَّةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ فِي الرِّمَالِ لَوْنُهَا كَلَوْنِ الرِّئَة وَلَهَا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ تَقِفُ عَلَيْهَا تَثِب إِلى الإِنسان وَلَا تُصِيبُ شَيْئًا إِلا هَلَكَ، وَقِيلَ: الأَصَلَة الْحَيَّةُ الْعَظِيمَةُ، وَجَمْعُهَا أَصَل؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الأَصَلَة، بِالتَّحْرِيكِ، جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ وَهُوَ أَخبثها. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ:
أَعور جَعْدٌ كأَن رأْسه أَصَلَة
، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالصَّادِ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: الأَصَلَة الأَفْعَى، وَقِيلَ: حَيَّةٌ ضَخْمة عَظِيمَةٌ قَصِيرَةُ الْجِسْمِ تَثِب عَلَى الْفَارِسِ فَتَقْتُلُهُ فَشَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رأْس الدَّجَّالِ بِهَا لِعِظَمِه وَاسْتِدَارَتِهِ، وَفِي الأَصَلة مَعَ عِظَمِهَا اسْتِدَارَةٌ؛ وأَنشد:
يَا ربِّ إِنْ كَانَ يَزيدُ قَدْ أَكَل ... لَحْمَ الصَّديق عَلَلًا بَعْدَ نَهَل
ودَبَّ بالشَّرِّ دَبِيبًا ونَشَل، ... فاقْدُر لَهُ أَصَلةً مِنَ الأَصَل
«2». كَبْساءَ، كالقُرْصة أَو خُفِّ الجَمَل، ... لَهَا سَحِيفٌ وفَحِيحٌ وزَجَل
السَّحِيفُ: صَوْتُ جِلْدِهَا، والفَحِيح مِنْ فَمِهَا، وَالْكَبْسَاءُ: العظيمة الرأْس؛ رجل أَكبس وكُبَاس، وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُ الرأْس الصَّغِيرَ الْكَثِيرَ الْحَرَكَةِ برأْس الْحَيَّةِ؛ قَالَ طَرَفة:
خَشَاشٌ كرأْسِ الحَيّة المُتَوَقِّدِ».
__________
(1). قوله [وأتينا مؤصلين] كذا بالأصل
(2). قوله [ونشل] كذا بالأصل بالشين المعجمة، ولعله بالمهملة من النسلان المناسب للدبيب
(3). قوله [خشاش إلخ] هو عجز بيت صدره كما في الصحاح:
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تعرفونه
والخشاش: هو الماضي من الرجال

الصفحة 17