كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 11)

يَعْنِي بإِهْلالِه رفعَه صوتَه بِالدُّعَاءِ وَالْحَمْدِ لِلَّهِ إِذا رَآهَا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ فِي اسْتِهْلال الصبيِ
أَنه إِذا وُلد لَمْ يَرِثْ وَلَمْ يُورَثْ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا
وَذَلِكَ أَنه يُستدَل عَلَى أَنه وُلد حَيًّا بِصَوْتِهِ. وَقَالَ أَبو الْخَطَّابِ: كُلُّ مُتَكَلِّمٍ رافعِ الصَّوْتِ أَو خافضِه فَهُوَ مُهِلٌّ ومُسْتَهِلٌّ؛ وأَنشد:
وأَلْفَيْت الخُصوم، وهُمْ لَدَيْهِ ... مُبَرْسمَة أَهَلُّوا ينظُرونا
وَقَالَ:
غَيْرَ يَعفور أَهَلَّ بِهِ ... جَابَ دَفَّيْه عَنِ الْقَلْبِ «2»
. قِيلَ فِي الإِهْلال: إِنه شَيْءٌ يَعْتَرِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِهِ شَبِيهٌ بالعُواء الْخَفِيفِ، وَهُوَ بَيْنَ العُواء والأَنين، وَذَلِكَ مِنْ حاقِّ الحِرْص وَشِدَّةِ الطَّلَبِ وَخَوْفِ الفَوْت. وانْهَلَّتِ السَّمَاءُ مِنْهُ يَعْنِي كَلْبَ الصَّيْدِ إِذا أُرسل عَلَى الظَّبْي فأَخذه؛ قَالَ الأَزهري: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ وَحَكَاهُ عَنْ أَصحابه قَوْلُ السَّاجِعِ عِنْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَضى فِي الجَنين «3» إِذا سقَط مَيِّتًا بغُرَّة فَقَالَ: أَرأَيت مَن لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلْ، وَلَا صَاحَ فاسْتَهَلّ، وَمِثْلُ دَمِه يُطَلُّ، فَجَعَلَهُ مُسْتَهِلًّا برفعِه صَوْتَهُ عِنْدَ الوِلادة. وانْهَلَّتْ عينُه وتَهَلَّلَتْ: سَالَتْ بِالدَّمْعِ. وتَهَلَّلَتْ دموعُه: سَالَتْ. واسْتَهَلَّتِ الْعَيْنُ: دمَعت؛ قَالَ أَوس:
لَا تَسْتَهِلُّ مِنَ الفِراق شُؤوني
وَكَذَلِكَ انْهَلَّتِ العَيْن؛ قَالَ:
أَو سُنْبُلًا كُحِلَتْ بِهِ فانْهَلَّتِ
والهَلِيلَةُ: الأَرض الَّتِي استهلَّ بِهَا الْمَطَرُ، وَقِيلَ: الهَلِيلَةُ الأَرض المَمْطورة وَمَا حَوالَيْها غيرُ مَمطور. وتَهَلَّلَ السحابُ بالبَرْق: تَلأْلأَ. وتَهَلَّلَ وَجْهُهُ فَرَحاً: أَشْرَق واستهلَّ. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: فَلَمَّا رَآهَا استبشَر وتَهَلَّلَ وجهُه
أَي اسْتَنَارَ وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ أَمارات السُّرُورِ. الأَزهري: تَهَلَّلَ الرَّجُلُ فَرَحًا؛ وأَنشد «4»:
تَراه، إِذا مَا جئتَه، مُتَهَلِّلًا ... كأَنك تُعطيه الَّذِي أَنت سائلُهْ
واهْتَلَّ كتَهَلَّلَ؛ قَالَ:
وَلَنَا أَسامٍ مَا تَليقُ بغيرِنا، ... ومَشاهِدٌ تَهْتَلُّ حِينَ تَرانا
وَمَا جَاءَ بِهِلَّة وَلَا بِلَّة؛ الهِلَّة: مِنَ الْفَرَحِ وَالِاسْتِهْلَالِ، والبِلَّة: أَدنى بَللٍ مِنَ الْخَيْرِ؛ وَحَكَاهُمَا كُرَاعٌ جَمِيعًا بِالْفَتْحِ. وَيُقَالُ: مَا أَصاب عِنْدَهُ هِلَّة وَلَا بِلَّة أَي شَيْئًا. ابْنُ الأَعرابي: هَلَّ يَهِلُّ إِذا فَرِحَ، وهَلَّ يَهِلُّ إِذا صَاحَ. والهِلالُ: غِرَّةُ الْقَمَرِ حِينَ يُهِلُّه الناسُ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ، وَقِيلَ: يُسَمَّى هِلالًا لِلَيْلَتَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ ثُمَّ لَا يسمَّى بِهِ إِلى أَن يَعُودَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، وَقِيلَ: يُسَمَّى بِهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ثُمَّ يُسَمَّى قَمَرًا، وَقِيلَ: يَسِمَاهُ حَتَّى يُحَجِّر، وَقِيلَ: يُسَمَّى هِلالًا إِلى أَن يَبْهَرَ ضوءُه سَوَادَ اللَّيْلِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ. قَالَ أَبو إِسحاق: وَالَّذِي عِنْدِي وَمَا عَلَيْهِ الأَكثر أَن يسمَّى هِلالًا ابنَ لَيْلَتَيْنِ فإِنه فِي الثَّالِثَةِ يَتَبَيَّنُ ضوءُه، وَالْجَمْعُ أَهِلَّة؛ قال:
__________
(2). قوله [غير يعفور إلخ] هو هكذا في الأصل والتهذيب
(3). قوله [حِينَ قَضَى فِي الْجَنِينِ إلخ] عبارة التهذيب: حِينَ قَضَى فِي الْجَنِينِ الذي أسقطته أمه ميتاً بغرة إلخ
(4). هذا الْبَيْتُ لِزُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى من قصيدة له

الصفحة 702