كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 11)

تَحْتَاجُ إِلى حَشْو فتتركْ عَلَى حَالِهَا، وَالَّذِي حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي حِكَايَةِ أَبي الدُّقَيْشِ عَنِ الْخَلِيلِ قَالَ: قُلْتُ لأَبي الدُّقيْش هَلْ لَكَ فِي ثريدةٍ كأَنَّ ودَكَها عُيُونُ الضَّيَاوِن؟ فَقَالَ: أَشدُّ الهَلِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ رَوَى أَهل الضَّبْطِ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه قَالَ لأَبي الدُّقَيْشِ أَو غَيْرِهِ هَلْ لَكَ فِي تَمْرٍ وزُبْدٍ؟ فَقَالَ: أَشَدُّ الهَلِّ وأَوْحاه، وَفِي رِوَايَةٍ أَنه قَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي الرُّطَب؟ قَالَ: أَسْرعُ هَلٍّ وأَوْحاه؛ وأَنشد:
هَلْ لَكَ، والهَلُّ خِيَرْ، ... فِي ماجدٍ ثبْتِ الغَدَرْ؟
وَقَالَ شَبيب بْنُ عَمْرٍو الطَّائِيُّ:
هَلْ لَكَ أَن تدخُل فِي جَهَنَّمِ؟ ... قلتُ لَهَا: لَا، والجليلِ الأَعْظَمِ،
مَا ليَ مِنْ هَلٍّ وَلَا تكلُّمِ
قَالَ ابْنُ سَلَامَةَ: سأَلت سِيبَوَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ؛ عَلَى أَي شَيْءٍ نُصِبَ؟ قَالَ: إِذا كَانَ مَعْنَى إِلَّا لَكِنَّ نُصِبَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ
أُبيّ فهَلَّا
، وَفِي مُصْحَفِنَا فَلَوْلا، قَالَ: وَمَعْنَاهَا أَنهم لَمْ يُؤْمِنُوا ثُمَّ اسْتَثْنَى قَوْمَ يُونُسَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِانْقِطَاعِ مِمَّا قَبْلَهُ كأَنَّ قَوْمَ يُونُسَ كَانُوا منقطِعين مِنْ قَوْمٍ غَيْرِهِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ أَيضاً: لَوْلَا إِذا كَانَتْ مَعَ الأَسماء فَهِيَ شَرْطٌ، وإِذا كَانَتْ مَعَ الأَفعال فَهِيَ بِمَعْنَى هَلَّا، لَوْمٌ عَلَى مَا مَضَى وتحضيضٌ عَلَى مَا يأْتي. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ، مَعْنَاهُ هَلَّا. وهَلْ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى مَا؛ قَالَتِ ابْنَةُ الحُمارِس:
هَلْ هِيَ إِلَّا حِظَةٌ أَو تَطْلِيقْ، ... أَو صَلَفٌ مِنْ بَيْنِ ذَاكَ تَعْلِيقْ
أَي مَا هِيَ وَلِهَذَا أُدخلت لَهَا إِلا. وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ أَنه قَالَ: هَلْ زِلْتَ تَقُولُهُ بِمَعْنَى مَا زِلْتَ تَقُولُهُ، قَالَ: فَيَسْتَعْمِلُونَ هَلْ بِمَعْنَى مَا. وَيُقَالُ: مَتَى زِلْت تَقُولُ ذَلِكَ وَكَيْفَ زِلْت؛ وأَنشد:
وهَلْ زِلْتُمُ تأْوِي العَشِيرةُ فيكُم، ... وتنبتُ فِي أَكناف أَبلَجَ خِضْرِمِ؟
وَقَوْلُهُ:
وإِنَّ شِفائي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَة، ... فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دارسٍ مِنْ مُعَوَّل؟
قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا ظَاهِرُهُ اسْتِفْهَامٌ لِنَفْسِهِ وَمَعْنَاهُ التَّحْضِيضُ لَهَا عَلَى الْبُكَاءِ، كَمَا تَقُولُ أَحسنت إِليّ فَهَلْ أَشْكُرك أَي فَلأَشْكُرَنَّك، وَقَدْ زُرْتَني فَهَلْ أُكافِئَنَّك أَي فَلأُكافِئَنَّك. وَقَوْلُهُ: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ
؟ قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ قَدْ أَتَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يُمْكِنُ عِنْدِي أَن تَكُونَ مُبْقاةً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى مَا بِهَا مِنَ الِاسْتِفْهَامِ فكأَنه قَالَ، وَاللَّهُ أَعلم: وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنسان هَذَا، فَلَا بُدَّ فِي جَوابهم مِنْ نَعَمْ مَلْفُوظًا بِهَا أَو مُقَدَّرَةً أَي فَكَمَا أَن ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَيَنْبَغِي للإِنسان أَن يَحْتَقِرَ نَفْسَهُ وَلَا يُباهي بِمَا فُتِحَ لَهُ، وَكَمَا تَقُولُ لِمَنْ تُرِيدُ الِاحْتِجَاجَ عَلَيْهِ: بِاللَّهِ هَلْ سأَلتني فأَعطيتك أَم هَلْ زُرْتَني فأَكرمتك أَي فَكَمَا أَن ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ أَن تعرِف حَقِّي عَلَيْكَ وإِحْساني إِليك؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: إِذا جَعَلْنَا مَعْنَى هَلْ أَتى قَدْ أَتى فَهُوَ بِمَعْنَى أَلَمْ يأْتِ عَلَى الإِنسان حينٌ مِنَ الدَّهْر؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ورَوَيْنا عَنْ قُطْرُبٍ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنهم يَقُولُونَ أَلْفَعَلْت، يُرِيدُونَ هَلْ فَعَلْت. الأَزهري: ابْنُ السِّكِّيتِ إِذا قِيلَ هَلْ لَكَ فِي كَذَا وَكَذَا؟ قُلْتَ: لِي فِيهِ، وإِن لِي فِيهِ، وَمَا لِي فِيهِ، وَلَا تَقُلْ إِن لِي فِيهِ هَلًّا، والتأْويل: هَلْ لَكَ فِيهِ حَاجَةٌ فَحُذِفَتِ

الصفحة 709