كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 11)

النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، عَنِ الوِصَال فِي الصَّوْمِ وَهُوَ أَن لَا يُفْطِر يَوْمَيْنِ أَو أَياماً، وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ المُوَاصَلَة فِي الصَّلاة،
وَقَالَ: إِنَّ امْرَأً وَاصَلَ فِي الصَّلَاةِ خَرَجَ مِنْهَا صِفْراً
؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحمد بْنِ حَنْبَلٍ: مَا كُنَّا نَدْري مَا المُوَاصَلَة فِي الصَّلَاةِ حَتَّى قَدِم عَلَيْنَا الشافعيُّ، فَمَضَى إِليه أَبي فسأَله عَنْ أَشياء وَكَانَ فِيمَا سأَله عَنِ المُوَاصَلَة فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ فِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا أَن يَقُولَ الإِمامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَيَقُولُ مَن خَلْفَهُ آمِينَ مَعًا أَي يَقُولُهَا بَعْدَ أَن يسكُت الإِمام، وَمِنْهَا أَن يَصِل الْقِرَاءَةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَمِنْهَا السلامُ عَلَيْكُمْ ورحمةُ اللَّهِ فيَصِلها بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، الأُولى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةُ سُنَّة فَلَا يُجْمَع بَيْنَهُمَا، وَمِنْهَا إِذا كبَّر الإِمام فَلَا يُكَبِّر مَعَهُ حَتَّى يَسْبِقَهُ وَلَوْ بِوَاوٍ. وتَوَصَّلْت إِلى فُلَانٍ بوُصْلة وَسَبَبٍ توَصُّلًا إِذا تسبَّبت إِليه بحُرْمة. وتَوَصَّلَ إِليه أَي تلطَّف فِي الوُصول إِليه. وَفِي حَدِيثِ
عُتْبة وَالْمِقْدَامِ: أَنهما كَانَا أَسْلَما فَتَوَصَّلا بِالْمُشْرِكِينَ حَتَّى خَرجا إِلى عُبيدة بن الحرث
أَي أَرَياهم أَنهما مَعَهم حَتَّى خَرَجَا إِلى الْمُسْلِمِينَ، وتَوَصَّلَا بِمَعْنَى توسَّلا وتقرَّبَا. والوَصْل: ضِدُّ الْهِجْرَانِ. والتَّوَاصُل: ضِدُّ التَّصارُم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن أَراد أَن يَطول عُمْره فَلْيَصِلْ رَحِمَه
، تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ صِلَة الرَّحِم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ كِناية عَنِ الإِحسان إِلى الأَقرَبين مِنْ ذَوِي النسَب والأَصْهار والعَطف عَلَيْهِمْ والرِّفْق بِهِمْ والرِّعاية لأَحْوالهم، وَكَذَلِكَ إِن بَعُدُوا أَو أَساؤوا، وقَطْع الرَّحِم ضدُّ ذَلِكَ كلِّه. يُقَالُ: وَصَلَ رَحِمَه يَصِلُها وَصْلًا وصِلَةً، وَالْهَاءُ فِيهَا عِوَض مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ فكأَنه بالإِحسان إِليهم قَدْ وَصَلَ مَا بَيَّنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ عَلاقة القَرابة والصِّهْر. وَفِي حَدِيثِ
جابرٍ: إِنه اشْتَرَى مِنِّي بَعيراً وأَعطاني وَصْلًا مِنْ ذهَب
أَي صِلةً وهِبةً، كأَنه مَا يَتَّصِل بِهِ أَو يَتَوَصَّل فِي مَعاشه. ووَصَلَه إِذا أَعطاه مَالًا. والصِّلَة: الْجَائِزَةُ والعطيَّة. والوَصْل: وَصْل الثَّوْبِ والخُفّ. وَيُقَالُ: هَذَا وَصْل هَذَا أَي مِثْلُهُ. والمَوْصِل: مَا يُوصَل مِنَ الْحَبْلِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَوْصِل مَعْقِد الحبْل فِي الحَبْل. وَيُقَالُ للرجُلين يُذكران بِفِعال وَقَدْ مَاتَ أَحدهما: فَعَل كَذَا وَلَا يُوصَلُ حَيٌّ بميت، وليس له بِوَصِيل أَي لَا يَتْبَعُه؛ قَالَ الغَنَوِي:
كمَلْقَى عِقالٍ أَو كمَهْلِك سالِمٍ، ... ولسْتَ لِمَيْتٍ هَالِكٍ بِوَصِيلِ
وَيُرْوَى:
وَلَيْسَ لِحَيٍّ هالِك بِوَصِيل
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ المتنَخِّل الْهُذَلِيِّ:
ليسَ لِمَيْتٍ بِوَصِيلٍ، وقد ... عُلِّقَ فيه طَرَفُ المَوْصِلِ
دُعاء لِرَجُلٍ أَي لَا وُصِلَ هَذَا الْحَيِّ بِهَذَا المَيت أَي لَا ماتَ مَعَهُ وَلَا وُصِل بِالْمَيِّتِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ عُلِّقَ فِيهِ طَرَفٌ مِنَ الْمَوْتِ أَي سيَمُوت ويَتَّصِل بِهِ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ السِّكِّيتِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمُعَنَّى فِيهِ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ الدُّعاء إِنما يُريد: لَيْسَ هُوَ مَا دَامَ حَيًّا بِوَصِيلٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى أَنه قَدْ عُلِّق فِيهِ طَرَفَ المَوْصِل أَي أَنه سيَمُوت لَا مَحَالَةَ فيَتَّصِل بِهِ وإِن كَانَ الْآنَ حَيًّا، وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: يَقُولُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ فَلَا يُوَاصِلُهُ الحيُّ، وَقَدْ عُلِّق فِي الْحَيِّ السَّبَب الَّذِي يُوَصِّله إِلى مَا وَصَل إِليه الْمَيِّتُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنْ وَصَلْت الكِتابَ صِرْتَ إِلى اللهِ، ... ومَن يُلْفَ وَاصِلًا فَهُوَ مُودِي

الصفحة 728