كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 11)

بعد: قوله صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا وَقَعَت الْحُدُودُ [وَصُرِفَتِ الطُّرق] فَلاَ شُفْعَةَ".
وهذا بيان لما اشتمل عليه اللفظ الأول.
وعلى الخلاف يخرج ما إذا كان لشخص في دار عشرها ولآخر تسعة أعشارها، وكانت بحيث لو طلب صاحب العشر القسمة لم يُجِبْ إليها، فباع صاحب العشر نصيبه- فإن قلنا: إن الشفعة تثبت فيما لم يقسم، ثبتت، وإلا فلا. ولو باع مالك [التسعة أعشار نصيبه] وقلنا: لا تثبت الشفعة ففيما لم يقسم، فهل تثبت الشفعة لصاحب العشر؟ فيه وجهان [ينبنيان على أن صاحب الأعشار إذا طلب القسمة هل يجاب إليها أم لا]؟ فيه وجهان يأتيان [من بعد]، إن شاء الله تعالى.
هكذا حكاه الإمام، والغزالي، والرافعي ومقتضاه: أن الشفعة إنما ثبتت على المذهب خوفاً من طلب المشتري القسمة، والذي ذكره الشيخ في المهذب أنها إنما تثبت لدخول غير شريكه عليه، فيتأذى به فتدعو الحاجة إلى مقاسمته فيدخل عليه الضرر.
قلت: وعلى هذا ينعكس التفريع على المذهب فيقال: إن باع صاحب الأعشار نصيبه فلا شفعة لصاحب العشر؛ لأنه لو طلب القسمة لم يجب إليها كما حكاه المراوزة والشيخ؛ لعدمك [انتفاعه] بالقسمة، فيكون طلبها منه سفها، فإن باع صاحب العشر نصيبه ثبتت الشفعة للآخر على الأصح؛ لأنه لو طلب القسمة أجيب إليها على الصحيح كما ذكره المراوزة والشيخ؛ لأنه ينتفع بها، وعلى ذلك جرى القاضي الحسين في تعليقه ومجلي، وقد يصار إلى هذا الترتيب مع نظرنا إلى الخوف من طلب المشتري القسمة، إذا راعينا ما حكاه أئمة العراق عن الشيخ [في الإجبار على القسمة]، فإنهم قالوا: إن كان الضرر فيها على الممتنع أجبر، وإن كان على الطالب فوجهان، والله أعلم.
أما الطاحون الكبير الذي يمكن أن يجعل طاحونين لكل منهما حجران،

الصفحة 12