كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 11)
لأن الوقف لما لم يستحق أخذه بالشفعة لم يستحق به الأخذ، وهذا ما جزم به القاضي أبو الطيب.
وقيل: إن قلنا: إن الملك للموقوف عليه؛ كان له الأخذ بالشفعة؛ لأنه يلحقه الضرر في ماله من جهة الشركة، وهذا ما اختاره في "المرشد".
ونسب الماوردي في كتاب الوقف مقابله إلى أبي إسحاق.
وبنى الغزالي الخلاف على أن الوقف والملك هل يقسم أم لا؟ وحكاه الرافعي مرتباً على القول بجواز القسمة، وجزم بالمنع على القول بامتناعها. ثم إذا قلنا بثبوت الشفعة للموقف عليه، فلو كان الوقف على جهة عامة كان للناظر الأخذ بالشفعة، إذا رأى المصلحة في ذلك.
ولا نزاع في أن المسجد إذا كان له حصة مملوكة من دار، بابتياع قيمة ذلك، أو اتهابه ليصرف ريعها في عمارته، وبيع من تلك الدار حصة، ورأى القيم أخذها بالشفعة أن له ذلك، كما صرح به القاضي الحسين، وكذلك الرافعي، وقاسه على ما لو كان لبيت المال شركة في دار، فباع الشريك نصيبه، فإن للإمام الأخذ بالشفعة.
وفي "البحر" حكاية وجهين فيما إذا مات الشفيع قبل العلم بالشفعة، ووارثه بيت المال، أن الإمام هل له الأخذ أم تبطل الشفعة؛ لأنها تثبت لدفع الضرر، وهاهنا لا يتعين [للضرر] واحد.
ومقتضى هذا أن يجري هذا الوجه فيما لو بيع ما لبيت المال فيه شركة.
تنبيه: اقتصار الشيخ على منع ثبوت الشفعة لمن سبب ملكه الوقف، يعرفك أنها تثبت لكل من ملك بغيره سواء كان بعقد معاوضة أو بغيره، وهو ما صرح به غيره حتى طرده في "المرشد" في المُعْمَر والمُرْقَب، والشيخ أبو محمد فيما إذا ملك عبده شقصاً من دار وقلنا: إنه يملك.
وقال الإمام: فيه احتمال ظاهر من حيث إن ملك العبد ضيعف، والشفعة لا تستحق بالملك الضعيف عند كثير من أصحابنا، وأشار- رضي الله عنه- بذلك إلى الملك في زمن الخيار وسنذكره، ثم إذا قلنا بالثبوت للعبد، فهل يحتاج في
الصفحة 19
512