كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 11)

أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: "اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ"، فأخبر أن الأبوين معاً يهودان الصبي، وينصرانه، [وعنده يهوده أحدهما].
ومعنى قوله: "يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ" أي: على الإقرار بأن الله [تعالى] خالقه، وضرب لليهود والنصارى مثلاً بالإبل إذا أُنتجت من بهيمة جمعاء- أي: سليمة- سميت بذلك؛ لاجتماع السلامة لها في أعضائها، فتُجدع أنوف نتاجها، وتفقأ عيونها.
وأيضاً: فإنه يتبع الأم إذا كان حملاً فيتبعها إذا انفصل؛ كالأب، مع أنه يتبعها في الرق والحرية؛ لكونه منها حقيقة، فكانت التبعية بها في الإسلام أولى، ولبعض أصحابنا شيء في تبعيته للأم سنذكره في قتال المشركين، إن شاء الله تعالى.
ولا فرق عندنا في ذلك بين أن يبلغ الصبي سن التمييز، ويحكم بإسلامه إذا اعترف به أم لا، وإن كان لأصحاب أبي حنيفة تردد في منعه.
قال الإمام: وهو موضع التردد؛ لأن الجمع بين إمكان الاستقلال وبين إثبات التبعية بعيد؛ فإن البالغ العاقل لما قدر على الاستقلال، لم يتبع غيره في الإسلام اتفاقاً.
وحكم من بلغ مجنوناً، ثم استمر إلى أن أسلم أحد أبويه- حكم الصغير عندنا. ولو كان مجنوناً عند الإسلام، وقد بلغ عاقلاً، ففي تبعيته وجهان، أصحهما في "تعليق" القاضي الحسين الاستتباع-[أيضاً- كما] أن الأصح عود ولاية المال لأبيه. وهو الذي ذهب إليه أكثر الأصحاب كما قال الماوردي، وجعله القاضي أبو الطيب والمصنف في كتاب السير المذهب.

الصفحة 500