كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 11)

أنه يقال له: لا نقبل منك إلا الإسلام. ويفزعه، فإن أقام على الكفر، قبل منه؛ لأنا إنما حكمنا بإسلامه ظاهراً، واختياره عن نفسه أقوى منه، ومما يدل على أن الحكم بإسلامه ظاهراً: أنه لو ادعاه كافر، وقامت بينة على أنه ابنه، حكم بكونه كافراً، ويخالف المسألة قبلها؛ فإنه ثَمَّ مقطوع بإسلامه ظاهراً وباطناً، وكذلك يفارق المسبي؛ لأنا حكمنا بإسلامه تبعاً للسابي، مع علمنا بأن أبويه كافران، وهذا ما اختاره في "المرشد".
قال: "وخرج فيه قول آخر: أنه كالمحكوم بإسلامه بأبيه"، والجامع: الحكم بإسلامه ظاهراً، والقائل بظاهر النص هو أبو إسحاق.
ومن التعليل الذي ذكرناه يظهر لك: أن محل الخلاف إذا حكم بإسلامه تبعاً للدار وفيها كفار، أما إذا لم يكن فيه كفار أصلاً، فهو محكوم بإسلامه ظاهراً وباطناً؛ فلا يقر على كفره قولاً واحداً، كما صرح [به] الماوردي، وذكر تفصيلاً في أصل المسألة: وهو أنه إذا أبى إلا أن يكون مشركاً، سئل عن سبب شركه؟ فإن قال: لأن أبي [مشرك] وصرت إلى أتباع أبي، ترك لما اختاره لاحتماله، وأجري عليه أحكام الشرك، وإن قال: لست أعلم دين أبي: هل هو الإسلام أو غيره؟ ولكني أختار الشرك؛ ميلاً إليه ورغبة فيه- فهو محل الخلاف، والأصح: أنه لا يقبل منه، ويجعل إن أقام على ذلك مرتدّاً.
قال: "فإن بلغ، وسكت، وقتله مسلم، [فقد قيل:] لا قَوَد عليه؛ لأنه يحتمل أنه لم يصف الإسلام لاعتقاده الكفر، والقصاص يسقط بالشبهة، وهذا هو المنصوص، والمختار في "المهذب" و"المرشد". "وقيل: يجب"؛ لأنه محكوم بإسلامه؛ فوجب على قاتله القود كما قبل البلوغ. والقائل الأول فرق بأنه حينئذ محكوم بإسلامه تبعاً، وقد انقطعت التبعية بالبلوغ.
والقولان مبنيان على أنه لو اعترف بالكفر، هل يكون مرتدّاً أو كافراً أصليّاً؟ إن قلنا بالأول، وجب القصاص، وإلا فلا.

الصفحة 503