كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 11)

وإن فات الإعراب بموت أو قتل، فوجهان:
أحدهما: إمضاء الحكم؛ كما لو مات في الصغر.
وأظهرهما في "الرافعي": يبين الانتقاض؛ لأن سبب التبعية الصغر، وقد زال، ولم يظهر في الحال حكمه في نفسه؛ فرد الأمر إلى الكفر الأصلي.
أما إذا بلغ، ومات، أو قتل قبل أن يتمكن من الإعراب فحكمه حكم ما لو كان ذلك قبل البلوغ، حكاه القاضي أبو الطيب هنا، والرافعي في كتاب الظهار.
قال: "وإن بلغ وباع واشترى، ونكح، وطلق، وجنى وجني عليه، ثم أقر بالرق" أي]: وصدقه المقر له، ولم يسبق منه إقرار بالحرية- فقد قيل فيه قولان:
أحدهما: يقبل إقراره؛ كما لو قدم رجل من بلاد الكفر لا يعرف نسبه فأقر بالرق، ولأن الإقرار أقوى من البينة، ولو قامت بينة على رقه، حكم بها، وكذلك إذا أقر. فعلى هذا: حكمه حكم الرقيق في جميع التصرفات في الماضي والمستقبل. ولو ادعى عليه رجل: أنه رقيق، فأنكره- كان له أن يحلفه.
والثاني: لا يقبل"؛ لأنه محكوم بحريته بظاهر الدار، وقد تعلقت به حقوق الله تعالى والعباد؛ فلم يقبل إقراره بما يسقطها، كما لو أقر بالحرية ثم أقر بالرق؛ فإنه لا يقبل منه. فعلى هذا: لا أثر لإقراره في التصرفات في الماضي والمستقبل. قال الإمام: اللهم إلا أن يكون اللقيط عبداً، وقد نكح؛ فإن في ضمن إقراره اعترافاً بأنها محرمة عليه؛ فلا يمكن القول بحلِّها.
ولو ادعى عليه رجل: أنه رقيقه، فأنكره- لم يكن له تحليفه؛ بناءً على الصحيح في أن اليمين مع النكول بمنزلة الإقرار، كما قاله ابن الصباغ، أما إذا جعلناها كالبينة فله التحليف؛ رجاء أن ينكل، فيحلف المدعي، ويستحق، قاله الرافعي. وهذه طريقة أبي الطيب بن سلمة.
وقيل: إذا أقر بالرق بعد الاعتراف بالحرية، يقبل، وحكى الإمام عن الصيدلاني القطع [به]؛ تشبيهاً بما إذا أنكرت الزوجة الرجعة في العدة، ثم أقرت بها؛ [حيث يقبل، وفي "تعليق" القاضي الحسين- حكاية عن القفال- فيما إذا ادعى عليه الرق فأنكره، ثم عاد، واعترف به- قبل منه؛ كما لو أنكرت الزوجة الرجعة

الصفحة 505