كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 11)
منها، وفي وجوبها للجار ضرر داخل لتقاعده بالملك عن بدل النجش من الثمن؛ لتيقنه بأن غيره لا يقدم على ابتياعها مع علمه بشفعته، ولا يوجد مثل ذلك في المشترك؛ لأن الشريك يقدر على دفع هذا الضرر بالمقاسمة، وما كان موضوعاً لدفع الضرر [لا يجوز] أن يدخل منه الضرر.
قال: وغير العقار من المنقولات فلا شفعة فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا شُفْعَةَ إِلا في رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ"، ولأن المنقول لا يبقى دائماً، والعقار يتأبد؛ فيتأبد ضرر المشاركة فيه، والشفعة تملُّكُ قَهْريُّ فلا يحكم بثبوته إلا عند شدة الضرر.
فإن قيل: قد روى البخاري عن أبي هريرة أنه قال: "جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لمْ يُقْسَمْ"، وهذا عام.
فجوابه: أنه محمول على ما لم يقسم من العقارات، يدل عليه تتمة الحديث: فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. فأثبت جنس الشفعة فيما لم يقسم ثم فسر ذلك بتفسير لا يتناول إلا ما لا ينقل ولا يحول؛ لأن الحدود وصرف الطرق إنما تستعمل في الأرض.
قال: وأما البناء والغراس فإنه إن بيع مع الأرض أي: الحاملة لذلك والمتخللة بينه، إذا كانت تقسم قال: ففيه الشفعة؛ للخبر الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود؛ [إذا] الربعة والربع: المنزل الذي يربع به الإنسان ويتوطنه، يقال: هذا ربع بفتح الراء، وهذه ربعة.
وقيل: الربع: اسم للدار ببنائها، والحائط: اسم للبستان بغراسه.
ولأن البناء والغراس متصلان بالأرض، فصارا كأجزائها؛ ولهذا يندرجان تحت
الصفحة 7
512