كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)

وروى مالك (¬1) عن عبد الله بن دينار: "سمعت ابن عمر قرأ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} لقبل عدتهن".
وقال ابن جريج: "كان مجاهد يقرؤها هكذا".
وقال الواحدي في "تفسيره": عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه- قال: "طلق رسول الله -عليه السلام- حفصة، فأنزل الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ ...} (¬2) الآية وقيل له: راجعها فإنها صوَّامة قوَّامة، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة".
وقال السدي: "نزلت في عبد الله بن عمر؛ وذلك أنه طلق امرأته حائضًا، فأمره رسول الله -عليه السلام- أن يراجعها".
وقال مقاتل: "نزلت في عبد الله بن عمر وعقبة بن عمرو المازني وطفيل بن الحارث بن المطلب وعمرو بن سعيد بن العاص -رضي الله عنهم-".
وفي "تفسير ابن عباس" -رضي الله عنهما- قال عبد الله: "وذلك أن ابن عمر ونفرًا معه من المهاجرين كانوا يطلقون لغير عدة ويراجعون بغير شهود، فنزلت".
وقال الزجاج في "تفسيره": هذا خطاب للنبي -عليه السلام- والمؤمنون داخلون معه في الخطاب، ومعناه: إذا أردتم طلاق النساء كما قال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} (2) معناه: إذا أردتم القيام إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم.
قوله: "فمه". استفهام، كأنه قال: فما يكون إن لم تحتسب بتلك التطليقة، قال القاضي عياض: "فمه" استفهام معناه التقرير، أي: فما يكون إن لم تحتسب بتلك التطليقة، أي هل يكون إلا ذلك، فأبدل من "الألف" "هاء" كما قالوا: مهما وإنما هي ما ما، أيْ: أيّ شيء.
¬__________
(¬1) "الموطأ" (2/ 587 رقم 1221).
(¬2) سورة المائدة، آية: [6].

الصفحة 12