كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)

وقد نص مسلم (¬1) على أنها تطليقة واحدة من طريق الليث، عن نافع، عن ابن عمر.
وقال ابن حزم في "المحلى" (1) كلامًا طويلًا في هذا الموضع، فملخصه أنه قال: من أراد طلاق امرأة له قد وطئها لم يحل له أن يطلقها في حيضها, ولا في طهر وطئها فيه، فإن طلقها طلقتين أو طلقة في طهر وطئها فيه أو في حيضها؛ لم ينفذ ذلك الطلاق، وهي امرأته كما كانت إلا أن يطلقها كذلك ثالثة أو ثلاث مجموعة فيلزم, فإن طلقها في طهر لم يطأها فيه فهو طلاق سُنَّة لازم كيف ما أوقعه، إن شاء طلقة واحدة، وإن شاء طلقتين مجموعتين، وإن شاء ثلاث مجموعة، وإن كانت حاملًا منه أو من غيره فله أن يطلقها حاملاً، وهو لازم، ولو إثر وطئه إياها، فإن كان لم يطأها قط فله أن يطلقها في حال طهرها وفي حال حيضها إن شاء واحدةً وإن شاء اثنتين وإن شاء ثلاثًا، فإن كانت لم تحض قط أو قد انقطع حيضها طلقها أيضًا -كما قلنا في الحامل- متى شاء، وفيما ذكرنا اختلاف في ثلاثة مواضع:
أحدها: هل ينفذ الطلاق الذي هو بدعة مخالف لأمر الله تعالى أم لا ينفذ؟
والثاني: هل طلاق الثلاث بدعة أم لا؟
والثالث: صفة طلاق السُنَّة.
أما الأول: فقد اختلف الناس في الطلاق في الحيض إن طلق الرجل كذلك أو في طهر وطئها فيه، هل يلزم ذلك الطلاق أم لا؟ قال علي: ادعى بعض القائلين بهذا أنه إجماع، وقد كذب مدعي ذلك، والخلاف في ذلك موجود، روينا من طريق عبد الرزاق (¬2) عن وهب بن نافع أن عكرمة أخبره أنه سمع ابن عباس يقول: "الطلاق على أربعة وجوه: وجهان حلال، ووجهان حرام؛ فأما الحلال: فأن
¬__________
(¬1) "المحلى" (10/ 162 - 172).
(¬2) "مصنف عبد الرزاق" (6/ 307 رقم 10950).

الصفحة 14