كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)
ومن طريق عبد الباقي بن قانع راوي كل كذبة، المنفرد بكل طامةٍ، وليس بحجة, لأنه تغيَّر بأخرة، ثم لو صح -ولم يصح قط- لكان لا حجة فيه لأنه كان معنى قوله: ألزمناه بدعته أي إثمها.
وأما خبر نافع فموقوف عليه وليس فيه أنه سمعه من ابن عمر؛ فبطل الاحتجاج به.
وأما ما روي عن ابن عمر: "فمه! أرأيت إن عجز أو استحمق" فلا بيان فيه أن تلك الطلقة عُدَّت له طلقة، والشرائع لا تؤخذ بلفظ لا بيان فيه، بل قد يحتمل أن يكون أراد الزجر عن السؤال عن هذا، والإخبار بأنه عجز واستحمق في ذلك.
وأما ما روي من قوله: "ما يمنعني أن أعتد بها"، وقوله: "وحسبت لها التطليقة التي طلقتها" فلم يقل فيه أن رسول الله -عليه السلام- حسبها تطليقة ولا أنه -عليه السلام- هو الذي اعتد بها طلقةً، إنما هو إخبار عن نفسه، ولا حجة في فعله ولا في فعل أحد دون رسول الله -عليه السلام-.
وأما حديث ابن أبي ذئب الذي في آخره (¬1) "وهي واحدة" فهذه لفظة أتى بها ابن أبي ذئب وحده، ولا يقطع على أنها من كلام رسول الله -عليه السلام-، ويمكن أن تكون من قول مَنْ دونه -عليه السلام- والشرائع لا تؤخذ بالظنون، ثم لو صح يقينًا أنها من كلام رسول الله -عليه السلام- لكان معناه وهي واحدة أخطأ فيها ابن عمر، أو هي قضية واحدة لازمة لكل مطلق.
وأما الثاني وهو الاختلاف في هل الطلاق الثلاث مجموعة بدعة أم لا؟ فزعم قومٌ أنها بدعة، ثم اختلفوا فقالت طائفة منهم: لا يقع البتة؛ لأن البدعة مردودة.
وقالت طائفة: بل تُرد إلى حكم الواحدة المأمور بأن يكون حكم الطلاق كذلك.
وقالت طائفة: بل تقع كما هي، ويؤدب المطلق كذلك.
¬__________
(¬1) "سنن الدارقطني" (4/ 9 رقم 24).
الصفحة 17
560