كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)
وأما حديث ابن عمر ففي غاية السقوط؛ لأنه عن شعيب بن رزيق الشامي، وهو ضعيف.
واحتج من قال: إن الثلاث مجموعة سُنَّة لا بدعة بقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (¬1)، فهذا يقع على الثلاث مجموعة ومفرقة، ولا يجوز أن يخص بهذه الآية بعض ذلك دون بعض.
وبما رواه مالك (¬2) عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره عن حديث لعان عويمر العجلاني مع امرأته ... وفي آخره أنه قال: "كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله -عليه السلام-، قال: وأنا مع الناس عند رسول الله -عليه السلام-".
وقال ابن حزم: لو كان الطلاق الثلاث مجموعة معصية لله تعالى لما سكت رسول الله -عليه السلام- عن بيان ذلك، فصح يقينًا أنها سُنَّة مباحة، ثم إن ابن حزم ذكر حججًا أخرى في ذلك من الأحاديث والأخبار وقال في آخره: لا نعلم عن أحد من التابعين -أن الثلاث معصية- صرَّح بذلك إلا الحسن، والقول بأن الثلاث سُنَّة قول الشافعي وأبي ثور وأصحابهما.
وأما الثالث وهو صفة طلاق السُنَّة: فقال ابن حزم: قد ذكرنا قول ابن مسعود (¬3) من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود "إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى"، ومثله عن قتادة وابن المسيب وإبراهيم النخعي، وهو قول الشافعي. وممن كره أن يطلقها أكثر من واحدة: الليث والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة وعبد العزيز بن الماجشون والحسن بن حي وأبو سليمان وأصحابهم.
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية: [230].
(¬2) "موطأ مالك" (2/ 566 رقم 1177).
(¬3) "المجتبى" (6/ 140 رقم 3394).
الصفحة 20
560