كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 11)
فنقول: إنما أعل ابن حزم هذا الحديث بشعيب بن رزيق الشامي، وقال: هو ضعيف وليس كذلك؛ فإن الدارقطني قال فيه لما سأله عنه البرقاني: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وكذلك ابن خلفون، وأخرج له الحاكم في "مستدركه" حديثًا وصحح سنده.
ثم إن هذا الحديث رواه الدارقطني (¬1) أيضًا ثم البيهقي (¬2)، ثم قال البيهقي: أتى عطاء الخراساني في هذا الحديث بزيادات لم يتابَع عليها وهو ضعيف في الحديث لا يقبل منه ما ينفرد به.
قلت: ليس هو كذلك؛ فإن عطاء هذا وثقه جماعة منهم: الطبراني ومحمد بن سعد وابن عبد البر والدارقطني ويحيى بن معين وأبو حاتم، وخرّج حديثه الجماعة كلهم.
الثاني: من الأحكام أنهم اختلفوا في معنى قوله -عليه السلام-: "مُره فليراجعها" فقال مالك: هذا الأمر محمول على الوجوب، ومن طلق زوجته حائضًا أو نفساء، فإنه يجبر على رجعتها.
فسوَّى دم النفاس بدم الحيض.
وقال مالك: يجبر على الرجعة في الحيضة التي طلق فيها وفي الطهر بعده، وفي الحيض بعد الطهر، وفي الطهر بعد، ما لم تنقض العدة.
وقال أشهب: يجبر على الرجعة في الحيضة الأولي، خاصةً، فإذا طهرت منها لم يجبر على رجعتها.
وقال أبو حنيفة وابن أبي ليلى والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: يؤمر بالرجعة ولا يجبر، وحملوا الأمر في ذلك على الندب ليقع الطلاق على السُنَّة، ولم يختلفوا أنها إذا انقضت عدتها لا يجبر على رجعتها. وأجمعوا أنه إذا
¬__________
(¬1) "سنن الدارقطني" (4/ 31 رقم 84).
(¬2) "سنن البيهقي" (7/ 334 رقم 14732).
الصفحة 27
560